هل يصلح (1) الوضوء منه؟ قال: إن لم يكن شئ يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه " (2) فلا ظهور لها في التعرض لحكم الخروج عن محل الابتلاء، فإن مفروضها أن بعض تلك القطع الصغار أصاب الإناء، وهو غير مستلزم لإصابة الماء، وحينئذ فالتفصيل المذكور في الجواب إما في معنى التفصيل بين العلم بإصابته الماء أيضا، وعدمه، بمعنى أنك كما علمت بنجاسة الإناء لرؤيتك وجود ذرات صغار في بعض جوانبه، فإن علمت أيضا بنجاسة الماء لوجود شئ بين فيه فلا يتوضأ منه، وإن لم تر في الماء شيئا جرى فيه أصالة الطهارة ويتوضأ منه، وهذا محمل منطبق لظاهر الصحيحة، لا سيما بناء على رفع " شئ " في الشرطية الأولى المذكورة في الجواب كما في نسخة الكافي والتهذيبين نعم بناء على نصبه، كما في بعض نسخ الوسائل، فهو خبر كان، والضمير الراجع إلى الدم اسمه، فيكون محصله التفصيل بين أن يكون الدم الملاقي في غاية الصغر وعدمه.
قال الشيخ في ذيل الحديث في الاستبصار: " فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على أنه إذا كان ذلك الدم مثل رأس الإبرة التي لا تحس ولا تدرك فإن مثل ذلك معفو عنه " (3)، والله العالم.
هذا كله في المحرمات الخارجة عن محل الابتلاء.
فأما الخارج عن محل الابتلاء في الواجبات، فسواء فسر بما كان بحسب طبع المكلف متروكا أم فسر بما كان بحسب طبعه يفعله لأغراضه النفسانية فالأمر والبعث الفعلي إلى مثله لا بأس فيه، بل قد وقع في الشريعة، فإن الحج ولا سيما في الأيام الحارة مما يتركه نوع المكلفين لو خلوا وطبعهم، وقد أمروا به. وتحصيل النفقة للأهل والأولاد مما يذهب الإنسان بطبعه ولأغراضه العقلائية نحوه، مع أنه