أصالة الطهارة فيه، إذ المفروض عدم جريانها من حين العلم الإجمالي بنجاسة أحد الطرفين في شئ منهما، فهي لا تجري فيهما، وأما الملاقي فهو موضوع جديد يصير مصداقا لعموم " كل شئ طاهر " بعد العلم بالملاقاة، ولا مانع من إجرائه فيه، ومجرد العلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة الطرف الآخر لا يمنع عن جريان الأصل، بعد أن كان المفروض أنه مصداق لموضوع الأصل، ولا مانع ولا معارض لجريانه.
الصورة الثانية: أن يكون العلم الإجمالي بنجاسة أحد الطرفين أو نجاسة الملاقى - بالفتح - وملاقيه في زمان واحد، فهاهنا يكون الملاقى وملاقيه بمنزلة طرف واحد تعلق العلم الإجمالي بوجود التكليف فيهما معا، أو في الطرف الآخر، ويكون أثره تنجز التكليف الواقعي أينما كان، فيجب الاحتياط بالاجتناب عنهما وعن الملاقي - بالكسر - جميعا.
لكن قد يقال - كما عن الشيخ الأعظم (قدس سره) وكثير من الأعاظم (قدس سرهم) -: إنه لما كانت نجاسة ملاقي النجس ناشئة عنه فالشك في نجاسة الملاقي هاهنا ناش ومسبب عن الشك في نجاسة الملاقى - بالفتح - والأصل الجاري في الشك السببي مقدم على الجاري في المسببي، ولا تصل النوبة إلى المسببي إلا بعد سقوط السببي، فهاهنا إنما تكون أصالة الطهارة في الملاقى - بالفتح - في عرض أصالة الطهارة في الطرف الآخر، وفي هذه المرتبة لا يجري الأصل المسببي في الملاقي - بالكسر - ثم إذا سقط الأصلان في الطرفين بالعلم الإجمالي تقوم أصالة الطهارة في الملاقي وتجري بلا معارض.
وفيه أن التحقيق: أن سر تقدم الأصل السببي ليس مجرد تأخر رتبة الشك المسببي، فإن الأحكام الشرعية قد تعلقت وترتبت على الموضوعات بوجودها الخارجي، ولا دخل لرتبتها في الموضوعية أصلا، فالسبب والمسبب إذا كانا معين في الوجود يعمهما دليل الحكم في عرض واحد. نعم، لو كان بعض المصاديق متقدما على بعض آخر بالزمان فحيث إن فعلية الموضوع وتحققه شرط لتحقق