ممتد إلى ما بعد رفع الاضطرار إن كان متعلقا بغير الفرد الذي رفع به اضطراره، أو تعلق تكليف محدود إلى حدوث الاضطرار إن كان متعلقا بما يرفع اضطراره به، وهذا العلم الإجمالي حجة على تنجز ذاك التكليف أيا ما كان، ولازمه وجوب الاحتياط عليه ولو بعد رفع الاضطرار، من دون فرق بين أن يكون الاضطرار إلى أحدهما المعين أو غير المعين، لوجود ذاك العلم الإجمالي في كلتا الصورتين، واقتضائه للتكليف الواقعي أيا ما كان فيهما جميعا.
وأما ما في نهاية الدراية من أن الاضطرار المشفوع بالجهل يقتضي رفع العقاب عن كليهما جميعا إذا كان المفروض اضطراره إلى غير المعين، لأن مجرد عروض الاضطرار يوجب جواز ارتكاب أي واحد كان وارتفاع العقاب عنه، ولا يدور هذا الجواز مدار الارتكاب، بل هو مستند المكلف في الارتكاب، فكل منهما يجوز له ارتكابه، سواء أرتكبه أم لا، ولازمه رفع العقاب عن التكليف الواقعي، وهو في معنى رفع الفعلية عنه (1).
ففيه: أن سر جواز ارتكاب كل منهما: أن المكلف يعلم بأن كلا منهما اختاره، فهو مصداق لما اضطر إليه، فلا محالة يكون له حلالا، ومن الواضح أن هذا الصدق ليس في أحدهما الذي يختاره فقط، لا وفي الآخر، فذلك الآخر لمكان العلم الإجمالي المذكور - في حاشية الكفاية - الذي عرفته يكون التكليف الواقعي لو كان متحققا فيه لكان منجزا يجب الاجتناب عنه، ونتيجته التوسط في التكليف.
وبالجملة: فدليل وجوب الاحتياط هو ذلك العلم الإجمالي، لا ما ذكره الشيخ الأعظم (قدس سرهم) بقوله: " لأن الإذن في ترك بعض المقدمات العلمية - بعد ملاحظة وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي - يرجع إلى اكتفاء الشارع في امتثال ذلك التكليف بالاجتناب عن بعض المشتبهات " (2).
وذلك أن ما ذكره إنما يصح لو كان دليل الإذن واردا وناظرا إلى خصوص