العلم الإجمالي إذا لم يرد دليل خاص على الخلاف وجوبها، كما أن مقتضى الأخبار الخاصة أيضا وجوبها، فبناء على ما حققناه كما لا تجوز المخالفة القطعية كذلك يجب الموافقة القطعية.
وأما بناء على مبنى المشايخ العظام: فتارة يقع الكلام في إمكان الترخيص في أحد الطرفين أو الأطراف، ثم في وقوعه من دون جعل البدلية أو قيام الأمارة.
وأخرى في الترخيص بجعل الإتيان ببعض الأطراف بدلا عن الامتثال الواقعي، أو بتبعية قيام الأمارة على انتفاء التكليف عن بعض الأطراف.
فأما مجرد الترخيص في بعض الأطراف فبناء على القول بامتناع ترخيص جميع الأطراف لكونه إذنا في المعصية أو في الظلم، أو نقضا للغرض من التكليف الحقيقي فلا بد من التزام عدم إمكانه، فإن الإذن في بعض الأطراف معناه جواز ارتكابه ولو كان مصادقا للتكليف الواقعي، يعني: ولو كان معصية أو ظلما أو موردا للتكليف الحقيقي، وقد كان المفروض امتناع ترخيص المعصية والظلم، كامتناع نقض غرض التكليف.
ومع الإغماض عن امتناعه فلا دليل عليه إثباتا، وذلك أن عموم وإطلاق أدلة البراءة والحل وإن كان يعم أطراف العلم إلا أنه لاستلزامه جواز ارتكاب كلا الطرفين أو الأطراف - وهو مخالفة قطعية - فلا يمكن الأخذ به، فشمول العمومات والإطلاقات لكل من الطرفين معارض بشموله للآخر، والتعارض يوجب التساقط، وعدم الحجة على جواز الارتكاب في شئ من الطرفين، ولا محالة بكون المرجع حكم العقلاء بوجوب الاحتياط التام. هذا.
وقد يقرر مجئ الترخيص في أحد الطرفين لا بعينه بوجهين:
أحدهما: ما عن المحقق الخراساني (قدس سره) في التعليقة من: أن حجية الأصول إنما هي من باب التعبد والسببية، وسيجئ في باب الاستصحاب وغيره: أن الأصل في ما كان حجة من باب التعبد التخيير عند التعارض، لا التساقط.
وفيه منع إطلاق الكبرى، فإن المسلم من حكم العقل بالتخيير إنما هو في ما