ومما ذكرناه نعرف الكلام في وجوه اخر استند إليها في إثبات استحالة الترخيص، مثل ما في نهاية الدراية من: أن تجويزه ترخيص في الظلم والتجاوز بما هو حق المولى، فإنه إذا كان الترخيص من ناحية المولى نفسه فالمكلف يقدم على الخلاف اعتمادا على إذن المولى ورعاية لمقتضى ترخيصه، ومعه فكيف يكون تجاوزا بحقه وهتكا لحرمته؟!
ومثل ما فيها أيضا " من أن الغرض من التكليف الحقيقي هو جعل الداعي إلى الفعل أو الترك، فالترخيص في الخلاف نقض للغرض من التكليف، لما بين جعل الداعي حقيقة والترخيص من المنافاة ".
فإنا نسأله (قدس سره) عن أمر الترخيص الموجود قطعا في الشبهة البدوية، وأن التكليف الموجود فيها قد رخص في مخالفته، مع أنه لا ريب في أنه تكليف حقيقي يكون الغرض منه جعل الداعي بحيث لو علم به المكلف صار عليه منجزا، كما يدل عليه قولهم (عليهم السلام) "... حتى تعرف الحرام منه... " فإنه ظاهر جدا، بل صريح في أن نفس ما هو مشكوك حكم في مورده بالحلية الظاهرية إذا صار معلوما ترتفع به الحلية، وتصير الحرمة الواقعية الغير المعلومة منجزا، فكما لم يناف الترخيص في الخلاف في الشبهات البدوية وجود التكليف الحقيقي فكذلك في موارد الجهل التفصيلي.
ومنه تعرف وتقدر على الجواب عن كل وجه يقام على الاستحالة، فإن الجواب عن جميعها قريب، والله الموفق وهو العاصم.
فالحاصل: أن ترخيص الاقتحام في كلا الطرفين أو جميع الأطراف لا بأس به عقلا فضلا عن بعضها. هذا كله بالنسبة إلى مقام الثبوت.
وأما مقام الإثبات فأقوى وجه يقال للترخيص: هو ما ذكره الشيخ الأعظم (قدس سره) من أدلة البراءة والحل، فإنها كما تعم كلا من الأطراف وتحكم عليه بالبراءة والحلية فهكذا مفهوم الغاية في قولهم (عليهم السلام) "... حتى تعرف الحرام منه... " يعم الحرام الواقعي الموجود في البين المعلوم ولو إجمالا، يعني: فمقتضى المفهوم