فمدلول الهيأة إحدى الخصوصيتين، وإرادتهما مستلزمة لاستعمال هيأة واحدة، أو لفظ " الموصول " في معنيين، وهو محال، ولا أقل من كونه بعيدا عن الأذهان.
والجواب عن محذور الاستعمال في أكثر من معنى بإرادة الجامع فيه: أن الجامع بين خصوصية الوقوع عليه وخصوصية تفسير المصدر به، مع أنه غير متصور في الأذهان العرفية التي هي الملاك في الاستظهارات لو كان متصورا فهو بعيد عن فهم العرف جدا، لا يمكن حمل التنزيل عليه.
كما أن الجواب عنه بأن التكليف إذا فسر بالإيقاع في المشقة كان الموصول مفعولا به أو مفعولا منه فإن حاصل المعنى: أن الله تعالى لا يجعل إنسانا في المشقة إلا من ناحية ما آتاها، وحينئذ يمكن إرادة المعنى العام من الموصول، فإن الفعل والحكم الإلزامي كليهما مما يقع الإنسان من ناحيتهما في المشقة، فلا يكون محذور فيه: أن هيأة المفعول به دالة على وقوع الفعل المتعدي عليه، فلا بد وأن يكون معنى الفعل بحيث يطلب المفعول به، فتفسير مادة التكليف بالإيقاع في المشقة لا ينطبق على معناه الحقيقي، لأنه لا يصح تعديته إلى الفعل المكلف به بلا واسطة، بل بواسطة " من "، ولأجله عبر عنه بالمفعول منه، مع أن مادة التكليف لا ريب في تعديتها إلى ذاك الفعل بلا واسطة، فلا محالة يكون التكليف مرادفا لمعنى التحميل بمشقة، فإنه يصح أن يقال: إن الفعل مما حمل بمشقة على المكلف، وحينئذ فلا يصح إرادة المفعول به حقيقة من الموصول إلا في خصوص الأفعال، ولا يعم الأحكام والتكاليف، اللهم إلا بالاسناد المجازي الذي مر ذكره.
وكيف كان فظاهر الآية المباركة أن يراد من الموصول معنى يشمل المال أو إنفاقه، بقرينة سياق صدرها، أعني قوله تعالى: * (... ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله) * (1)، وشموله له يوجب ظهوره في أن تعلقه بمعنى الموصول تعلق الفعل بالمفعول به، وإرادة المعنى العام منه الشامل للحكم والتكليف لا أقل من