الاستدلال به من وجهين:
أحدهما: أن الموصول مفعول به ثان لقوله: " لا يكلف "، إلا أن المراد به معنى عام شامل للأفعال والأحكام، غاية الامر أن تعليقه بالحكم من قبيل المجاز في الإسناد، وهو صحيح قطعا، بداهة صحة قولك: " كلفني الله وجوب صلاة الجمعة "، كما يصح أن تقول: " كلفني الله صلاة الجمعة " ومن الواضح صحة جمع المفعول به الحقيقي والمجازي العقلي، وإيتاء كل شئ بحسبه، ويكون إيتاء الأحكام بإعلامها، فلا تكليف، إلا بالحكم المعلوم.
ثانيهما: أن الموصول في ما يراد به الأحكام يكون مفعولا مطلقا نوعيا.
ويرد على التقريب الأول: أن الظاهر أن المفعول به مفعول به حقيقي، والمجاز في الإسناد، سواء كان في المسند إليه، أو في متعلقات الفعل، كالمجاز في الكلمة، خلاف الظاهر، بل الحق أنه ليس لنا مجاز في الكلمة أصلا وأن ما عدوه من المجاز في الكلمة، حقيقته ادعاء في تطبيق المعنى الحقيقي على مصداق ادعائي، فهو أشبه بالمجاز العقلي والمجاز في الإسناد، فأصالة الظهور إذا لم يعلم المراد حاكمة بإرادة المعنى والمفعول به الحقيقي، فلا يعم الأحكام.
وأما الإيراد عليه بأن لازمه اختصاص الأحكام بالعالمين بها فمدفوع: بأنه مقتضى ظاهره، كما في حديث الرفع والحجب، وبعد الإجماع وقيام سائر الأدلة على الاشتراك يراد منها الأحكام المنجزة، فإنها التي يتحقق فيها حقيقة معنى التكليف والإيقاع في المشقة.
وبعبارة أخرى: نفي التكليف بالنسبة للأحكام التي لم يعلمها لمكان عدم وقوع المكلف من ناحيتها في كلفة ومشقة فصح ادعاء أنها لم يكلف الله بها، كما صح لذلك دعوى رفعها ووضعها.
كما يرد على التقريب الثاني: أن خصوصية معنى كون شئ مفعولا به، وكون الشئ مفعولا مطلقا وبعبارة أخرى: خصوصية كون الشئ وقع عليه الفعل، وخصوصية تفسير المادة خصوصيتان ممتازتان لا جامع بينهما، ولو كان جامع