ارتفاع الشك تعبدا أو حقيقة، ولا دخل لكون الشك متأخرا عن الواقع أصلا، فلو فرض أن عنوان الشك في الشئ مقدم عليه رتبة كان مسألة الورود أو الحكومة على حاله، فما قد يشعر به عبارة الفرائد من إثبات دخل ما لهذا التأخر في حكومة أو ورود أدلة اعتبار الأمارات على الأصول مما لا يمكن تصديقه أصلا.
ثم إنه ليس في عبارة الشيخ الأعظم (قدس سره) ذكر من أن وجه الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي والجمع بين دليلهما واحد، كما ليس فيها ذكر من أن منشأ توهم المنافاة بين الحكمين وبين الدليلين واحد، فلا وجه لنسبة هذا الاتحاد في كلا الأمرين إليه، كما عن بعض الأعلام (قدس سره) في تقريرات بحثه فوائد الأصول (1)، بل التأمل في كلام الفرائد يعطي أن ملاك هذه الحكومة أو الورود هو مجرد ارتفاع الشك بقيام الأمارة تعبدا أو حقيقة، لا مسألة تأخر موضوع الحكم الظاهري عن الواقعي، وإن أشعر به صدر عبارته، فما سلمه بعض المحققين في تعليقاته على الفوائد من: أن هذا التأخر هو مبنى جمعه خلاف ظاهر عباراته، فراجع.
الثالث: أن الشيخ الأعظم قد تعرض هاهنا لبيان مجاري الأصول الأربعة، ولأن حصر المجاري عقلي وإن كان حصر الأصول في الأربعة استقرائيا. وقد تقدم في أوائل بحث القطع الإيراد على بيان مجاريها، وبيان ما هو الصحيح في بيانها، فراجع، كما تقدم الإشكال في حصر هذه المجاري فضلا عن كونه عقليا، فراجع.
الرابع: أن المناسب لفن الأصول - الذي هو مقدمة للفقه الباحث عن القوانين الكلية الشرعية - أن تكون الأصول المبحوث عنها فيه هو ما يختص بالشبهات الحكمية أو يعمها والموضوعية، فلو جرى ذكر ما يختص بالشبهات الموضوعية كأصالة الصحة وقاعدة التجاوز والفراغ لكان استطراديا.
الخامس: أن قاعدة الطهارة وإن قلنا بجريانها في شبهة الطهارة الحكمية أيضا