بالإجمال، غاية الأمر أن التكاليف المعلومة بالإجمال متعددة، ربما أوجب تعددها الاستيحاش من تجويز ترك امتثالها والإقدام على خلافها.
فالحاصل: أن ترك الشريعة وترك العمل بها ليس أزيد من ارتكاب مخالفة تكاليفها التي يحكم العقل بعدم جوازها، بمعنى كونها موجبة لاستحقاق العقاب عليها.
الوجه الثالث: أن العقل يحكم بتنجز التكليف المعلوم بالإجمال مطلقا، أو بالنسبة إلى خصوص عدم جواز مخالفته القطعية، وهو حكم واضح قد مر البحث عنه إجمالا في بعض فروع مبحث القطع، وسيأتي الكلام فيها تفصيلا - إن شاء الله تعالى - في فروع بحث الشك والعلم الإجمالي.
وأما المقدمة الرابعة - وهي عدم جواز الرجوع في الامتثال إلى التقليد، ولا إلى الاحتياط التام، ولا إلى الأصول الجارية في كل مسألة مسألة - فبالنسبة إلى عدم جواز التقليد وجهه واضح، فإن الانسدادي يرى المجتهد الانفتاحي جاهلا، فكيف يجوز رجوع العالم وتقليده للجاهل؟
وأما الاحتياط التام الذي يحكم العقل به لو خلي وطبعه فقد استدل لعدم وجوبه باستلزامه العسر والحرج المنفيين، بل ربما أوجب اختلال النظام، فإن أوجب اختلال نظام العباد لم يكن ريب في عدم وجوبه.
وأما في ما يوجب الحرج فقد يستشكل الاستدلال به بوجهين:
أحدهما: انصراف دليله إلى ما لم يكن منشأ هذا الحرج عمل الناس، وأما معه - كما نحن فيه، حيث إن اختفاء الروايات الواردة وعدم وصولها بطريق قطعي إنما هو بسبب العوامل الخارجية ولو كانت مسامحة الناس - فلا يعمه تلك الأدلة.
والجواب عنه: منع هذا الانصراف، لا سيما إذا كان هذا السبب الإنساني غير من يستند إلى عمومها، بل لو سلم انصراف فإنما هو في موارد إلزام المكلف لأفعال حرجية على نفسه، كما في الفرائد.
وثانيهما ما عن المحقق الخراساني (قدس سره) من أن مورد تلك الأدلة ما إذا كان