الكبير، وحكم العقل بالاحتياط في المظنونات. والله العالم.
وأما الرجوع إلى الأصول الخاصة بكل مورد فالأصول النافية لكثرتها تؤول إلى إهمال التكاليف المعلومة، وهو باطل على ما عرفت. نعم، الاحتياط والاستصحاب المثبت لو سلم حجية الاستصحاب لا بأس بهما، ولقلة موردهما لا يلزم منهما محذور العسر، كما لا يرتفع معهما حكم العقل بالاحتياط الموجب للعسر والحرج.
المقدمة الخامسة: أنه إذا دار الأمر في مقام امتثال التكاليف بين رفع اليد عن مورد ظن التكليف أو شكه أو وهمه يرفع اليد عن الموهوم ثم المشكوك، ويؤخذ بالمظنون.
والوجه فيه: أن العقلاء لا يرون التارك لامتثال التكليف المظنون اعتذارا باشتغاله بامتثال المشكوك أو الموهوم معذورا، بخلاف العكس، ومن الواضح أنه لا طريق للشارع في كيفية الامتثال إلا تلك الطرق العقلائية والكيفيات الدارجة بينهم.
وبعد تمام هذه المقدمات لا ريب في حكم العقل بالأخذ بمقتضى الأصول المثبتة للتكاليف، لو كانت، ومع عدمها بالأخذ بالتكاليف المظنونة، دون المشكوكة أو الموهومة إذا فرض لزوم العسر والحرج من الأخذ بها، وإلا فإنما يرفع اليد عن الموهومات وعن المشكوكات أيضا في خصوص مقدار يلزم من الأخذ بها الوقوع في العسر والحرج، ومع الدوران بين عدة منها لا يحتمل مزية واحد منها بالخصوص على البقية، فالمكلف مخير بعينها، كما عرفت.
هذه جملة القول في دليل الانسداد. وقد عرفت أنه لا موضوع له بعد قيام الروايات وسائر الأدلة المعتبرة بمعظم الفقه. والحمد لله رب العالمين.
* * *