نفس المجعول على المكلف، والمراد منه حرجيا أو عسريا، على ما هو الظاهر من دليل نفيهما وهنا ليس التكاليف المجعولة الواقعية جعلا للحرج أو العسر فإن الإسلام شريعة سهلة سمحة، وإنما العسر أو الحرج يلزم من حكم العقل بتحصيل العلم بامتثالها، والأدلة لا تشمل الأحكام العقلية.
ولو أجيب عنه فإنما هو بأحد وجهين: إما بأن يكون وجوب الاحتياط وجوبا شرعيا، وإما بأن يقال: إن المحكوم بالعدم بحكم أدلة نفي العسر والحرج أعم مما كان بنفسه إيجابا للعسر والحرج، وما كان منشأ لهما ولو بضميمة حكم العقل في كيفية امتثاله.
فبعض الأعاظم (قدس سره) على ما في تقرير بحثه اعتقد بالوجوب الشرعي له، ببيان: أن المفروض انسداد باب العلم والعلمي بالأحكام تفصيلا، فلو استندنا في تنجزها إلى الإجماع على عدم جواز إهمال امتثالها أو إلى محذور الخروج عن الدين لكان اللازم إيجاب الاحتياط شرعا، وذلك أنه لو استندنا في تنجزها إلى العلم الإجمالي بها لكان راجعا إلى الوجه الآخر، فلا بد: إما من قطع النظر عن أصل وجود العلم الإجمالي وفرض أن جميع الوقائع شبهة بدوية، وإما من فرض أن العلم الإجمالي لا يوجب التنجز، وحينئذ فلا يبقى الإشكال في أن الشارع ينصب طريقا لتنجيز هذه التكاليف، وهو إيجاب الاحتياط أو طريقية الظن، فوجوب الاحتياط شرعي يشمله أدلة العسر والحرج، وتحكم بانتفائه، فيبقى طريقية الظن. هذا.
والتحقيق: عدم صحة الاستناد إليه، وإن استصحه (1) بعض أهل التحقيق أيضا، وذلك أنا وإن قطعنا النظر عن وجود العلم الإجمالي ومنجزيته إلا أن مقتضى الإجماع أو الخروج عن الدين أن هنا تكاليف منجزة في ما بين الأحكام لا يرضى الشارع بتركها وعدم التعرض لامتثالها، فهذان الوجهان يقومان مقام