إذ منشأ الاستظهار دعوى أن الاقتضاء استند إلى نفس النهي، وهو يتم في الفساد الناشئ عن قصور المصلحة، لا التقرب، فإن التقرب إنما يمنع عنه العلم بالنهي لا نفس النهي، وهذه الدعوى غير تامة، بعدما عرفت من أنه لابد وأن يراد من الاقتضاء الاستلزام، وهو جار في الفساد التقربي أيضا، غاية الأمر اختصاص هذا الاستلزام والكشف فيه بمورد خاص، أعني ظرف العلم.
وأما دعوى أنه لا يعقل دخول الفساد التقربي في موضوع البحث، إلا على القول بامتناع الاجتماع، إذ عليه يتعلق النهي بالشئ الموصوف بالصحة والفساد، وإلا فعلى القول بالجواز فمركب الأمر غير موضوع النهي. وحينئذ فلا مجال للبحث عن فساد ما لا يكون إلا حراما محضا، فإنه لا يكون إلا مبعدا محضا.
فممنوعة بأنه تقييد لاطلاق محل النزاع، للاعتقاد بعدم مجال للقول بالصحة، وقد عرفت أن شمول النزاع لمورد لا يستلزم التصديق بوجود ملاك القولين فيه، مضافا إلى ما عرفت وسيأتي إن شاء الله تعالى من إمكان القول: بالصحة على الامتناع وتقديم جانب النهي أيضا، مضافا إلى أنه سيأتي عن قوم الاستدلال بالنهي على الصحة.
فما في المقالات (1) مما لا نستطيع تصديقه فراجع.
السابع: يشبه أن يكون اطلاق الصحة والفساد - في العرف - على ما كان له مزاج خاص بحسب طبعه، فإن بقي على مزاجه فهو صحيح، وإن عرضه وصف آخر مضاد فهو فاسد، فهما وصفان وجوديان متضادان، ومع ذلك فقد يتراءى استعمال الفاسد فيما لا يستعمل الصحيح فيه، وبالعكس - مثلا - يقال للحم إذا تغير عن طبعه: إنه فاسد، ولا يقال لسالمه: إنه صحيح، وكذا يقال لمثل الظروف والأوعية:
إنها صحيحة، ولا يقال لها: فاسدة، وكيف كان فلا ريب في أنهما ليسا مساوقين للتمام والنقصان، كما أوضحه سيدنا العلامة الأستاذ الأعظم - مد ظله العالي -.
نعم، لا ينبغي الشك في استعماله عند المتشرعة في الواجد لجميع أجزائه