وعليه فلا بأس بتعريف المفهوم بما يستفاد من الكفاية، من أنه حكم انشائي أو إخباري تستتبعه خصوصية المعنى الذي أريد من اللفظ بتلك الخصوصية، وما قد يؤخذ في تعريفه من أنه من المداليل الإلتزامية - كما عن المحقق النائيني (قدس سره) - لا يوافق استفادته من مقدمات الإطلاق، إذ المعتبر في الدلالة الإلتزامية اللزوم البين بالمعنى الأخص، بمعنى أنه ينتقل إلى المدلول الالتزامي بمجرد سماع اللفظ وفهم معناه، والمفهوم المستفاد من مقدمات الإطلاق ليس كذلك، كما لا يخفى.
ثم إن الحق أنه من مداليل الألفاظ، ولو كانت الدلالة عليه بواسطة المعنى، كما في الدلالة الإلتزامية، وقد يقال: بأن المفهوم من قبيل مدلول الفعل، ببيان أن استفادة المعنى من اللفظ، بحيث يمكن الإحتجاج على المتكلم بإرادته له، تتوقف على أربعة أمور مترتبة: الأول: عدم كون المتكلم لاغيا وكونه مريدا للإفادة.
الثاني: كونه مريدا لإفادة ما هو ظاهر اللفظ، بحيث يكون ظاهره مرادا له جدا، في قبال إلغائه تقية أو لجهات اخر. الثالث: كون لفظه ظاهرا في المعنى. الرابع: حجية الظهور.
والمتكفل للأمر الثالث والرابع وإن كان دلالة اللفظ وحجية الظواهر، إلا أن المتكفل للأولين دلالة الفعل، إذ قد استقر بناء العقلاء على حمل فعل الغير على كونه صادرا عنه لغايته الطبيعية، بحيث لا يعتنون باحتمال صدوره لغوا، ولا باحتمال صدوره لغير غايته النوعية، وبهذه الجهة يحمل لفظه على كونه صادرا عنه لغرض الإفادة لا لغوا، وعلى أن كيفية إفادته بإرادة ما هو ظاهر له ومعناه، وهذا البناء كما هو ثابت في مجموع الكلام، كذلك يكون ثابتا في قيوده من الشرط أو الغاية أو الوصف - مثلا - فيحمل ذكر الشرط - مثلا - لحكمه على أنه صادر لغرض الإفادة المتوقعة منه، أعني كونه دخيلا في ترتب الحكم على موضوعه في قبال أن يكون ترتبه على الموضوع بلا أي شرط، وكون الموضوع نفسه تمام الدخيل في ترتب الحكم.