خصوص النفسي التحريمي إنما هو بملاحظة أن زجر المولى عن شئ إذا قام بصدد الزجر عنه يكون اطلاقه حجة على العبد، لا يجوز له التخلف عنه مطلقا أو إذا لم يحرم أمر آخر، وهكذا الأمر في مادة الأمر وهيأته، وهذا لا ينافي الأخذ باطلاق المادة كسائر المطلقات، والحكم بشمولها لكل الأقسام إذا لم يستعمل في مقام انشاء الزجر.
وبالجملة، انفهام فرد خاص إنما هو من ناحية كونه حجة عقلائية عليه، وهو إنما يكون فيما استعمل في مقام الإنشاء، وقد مر منا نظير ذلك في بعض مقدمات مبحث الإجتماع فراجع. وعليه فدخول النهي التنزيهي في محل النزاع يكون لشمول اللفظ.
نعم، النهي التبعي بناء على تفسير المصنف صاحب الكفاية (قدس سره) حيث يكون كراهته ارتكازية تبعية فلا محالة لم يقع في قالب الإنشاء أصلا، لعدم الالتفات إليه تفصيلا، والنهي لا يطلق على ما لم يلتفت إليه، فقهرا دخوله يكون تبعيا ملاكيا.
ثم إنه لا يذهب عليك أن دخول قسم في محل النزاع لا يستلزم التصديق بجريان وجه الصحة أو الفساد فيه، وإنما يبتنى على قول قائل بجريانه فيه، فلا حاجة ولا وجه لإتعاب النفس في إجراء وجههما - كما ربما يتراءى من نهاية الدراية (1) فراجع - وتحقيق الأمر سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأما النهي الإرشادي بعد فرض أنه ارشاد إلى الفساد، فلا محالة يكون خارجا عن محل النزاع، وإن كان صريح المقالات دخوله.
الرابع: إطلاق لفظ الشئ الواقع في العنوان يشمل كل ما يتعلق به النهي، عبادة كانت أو معاملة، والعبادات - بالمعنى الأخص - يعتبر في صحتها إتيانها بداعي القربة من قصد أمرها ونحوه، سواء كانت ذاتية أو غيرها، والمراد بالعبادة الذاتية وغيرها مذكور في الكفاية، والمعاملات مقابل العبادات بالمعنى المزبور، فهي مالا يعتبر في صحتها قصد القربة، سواء كانت من المعاملات المعهودة عقودها