الصلاة: أن الوضوء بحسب الغالب فيه يكون الغرض منه مقدميا لأجل الصلاة، لا سيما وإنه قد فرض في السؤال في رواية عمار: أنه " حضرت الصلاة وليس يقدر على ماء غيرهما " (1) وفي رواية سماعة: " وليس يقدر على ماء غيره " (2) فإن السؤال ظاهر في أنه لابد له من الوضوء للصلاة، وحينئذ فإذا نهى عنه وأمر بالتيمم بقوله (عليه السلام): " يهريقهما جميعا ويتيمم " فلا يستفاد منه إلا النهي الشرطي المقدمي، لا الذاتي الأصلي، وهذا بخلاف الصلاة المطلوبة ذاتا، فإن النهي عنها كالأمر بها ظاهر في النفسي.
وأما ما في نهاية الدراية من كون الوجه فيه تعلق أمر الوضوء بالطهارة المتحصلة من الأفعال الخاصة، بخلاف الصلاة (3) فهو مبني على تسليم كون المأمور به فيه هو الطهارة لا نفس الأفعال الوضوئية، ولا يبعد أن يكون خلاف ظواهر الأدلة، وتمام الكلام في محله.
ثم إن ما أفاده في الكفاية من الرجوع إلى قاعدة الطهارة لا يخلو عن اشكال، إذ ليس المقام من قبيل العلم بحدوث حادثين والشك في المتأخر منهما، إذ المكلف وإن كان عالما بملاقاة بدنه للمنجس شاكا في بقاء نجاسته إلا أنه لا يعلم بملاقاته للمطهر بما أنه مطهر، إذ لو كان الماء الأول طاهرا فبدنه طاهر وليس الماء طاهرا، فاستصحاب الطهارة إنما يجري إلى حين ملاقاة الثاني للعلم بانتقاض الطهارة حينئذ، وأما استصحاب النجاسة فهو جار بلا معارض أصلا، والعلم بزمان حدوث النجاسة غير معتبر كما في جميع الاستصحابات. هذا.
وعن سيدنا الأستاذ العلامة المحقق اليزدي - قدس سره الشريف - الإشكال عليه بوجه آخر: هو أنه حيث لا يستولي الماء الثاني على جميع أعضائه دفعة واحدة، فهو يعلم إجمالا بنجاسة ما لاقاه أولا، أو ما بقي منها، وقاعدة الطهارة معارضة لاستصحاب طهارة الباقي، فلا يمكن الحكم إلا بطهارة الجزء الأخير من