عن الحرمة، كما لا يخفى.
لكنه مع ذلك كله فتوضيح هذه القسمة على مرامه (قدس سره): أنه بعد ما حكم بالبراءة عن الحرمة، فإن قلنا: بأن التمانع إنما هو في مقام فعلية الأمر والنهي، فبعد رفع فعلية الحرمة لا بأس بصيرورة الوجوب فعليا، وإن قلنا: بتمانعهما في مقام الإنشاء أيضا أو بأن الأحكام لا تسقط عن الفعلية عند الجهل وجريان البراءة فلا محالة لا يعلم بفعلية الوجوب بعد احتمال أقوائية ملاك الحرمة، لكنه كيفما كان فحيث إن المجمع مشتمل على نفس الطبيعة المطلوبة بنفسها، ولو في غير المجمع، فهو قابل لأن يتقرب به، وبعد سقوط النهي عن اقتضاء العقاب فلا يصدر مبغوضا عليه حتى يمنع عن التقرب. هذا.
ثم أورد على نفسه بما حاصله: أن العلم بأصل المفسدة كاف عقلا في ترتب جميع آثارها حتى المترتبة على غلبتها على المصلحة، فلا محالة مع احتمال غلبتها تحتمل فعلية المبغوضية والحرمة، والبيان تمام، فلا تجري البراءة واحتمالها مانع عن قصد التقرب (1).
ومراده (قدس سره) بالمبغوضية الفعلية هي المبغوضية الموجبة لترتب العقاب على عاصيها، كما فيمن علم باشراف ولد المولى على الغرق، والمولى نفسه غافل، في قبال المبغوضية الذاتية وهي المبغوضية التي لم تصل هذا الحد، فلا يكون معها فاعل المبغوض مبغوضا مستوجبا للعقاب.
ثم أجاب عن الإيراد بمنع كفاية احراز أصل المفسدة في ذلك فيما أحرز ما يصلح للمزاحمة أيضا، وأن المورد حينئذ كموضوع لم يحرز لا مصلحته ولا مفسدته، فلا يكون مبغوضيته فعلية، وحينئذ فالمجمع على فرض غلبة المفسدة واقعا وإن لم يكن راجحا ذاتا إلا أنه لاشتماله على ملاك الوجوب إن أتى به