البعث والزجر نحو شئ واحد، وأما الحب والبغض فلا بأس باجتماعهما على موضوع واحد إذا كان فيه ملاكهما، فيكون من حيثية محبوبا ومن حيثية أخرى مبغوضا، وأظنه بديهيا، وبالجملة فالمانع هو النهي الفعلي، وهو قد زال بالفرض، فلا بأس بتعلق الوجوب الفعلي.
نعم، لو أنكرنا اقتضاء الجهل والنسيان ونحوهما لسقوط التكليف، وقلنا: بأن التكاليف قوانين لا بأس بفعليتها مع هذه الطواري، ولا دليل على ارتفاعها معها، فلا محالة طروها لا يوجب انتفاء الحرمة الفعلية، كي يقوم مقامها الوجوب الفعلي.
لكنه أيضا لا يوجب بطلان العبادة المتحدة معه لمكان محبوبيتها ولو في المجمع، ولو أغمض عنها فصرف تعلق الحب والإرادة بنفس الملاك واشتمال المجمع على ذلك الملاك كاف لحسنه الفعلي، وامكان التقرب به، والحرام المتحد معه حيث لا يؤثر في وقوعه مبغوضا لا يمنع عن حسنه الصدوري، فيكون الصلاة في المغصوب إذا كان معذورا في مخالفة الغصب صحيحة بلا إشكال. هذا.
ثم إنه لما كان مفروض البحث كون الوجوب بدليا فمقتضى بقاء ملاك كلا الحكمين أن يجمع المولى بين غرضيه مهما أمكن، فلا محالة يوجه أمره إلى سائر الأفراد غير المجمع، وإن كان ملاك الحرمة أضعف بمراتب، إذ لا دوران بين استيفاء غرضيه، فيستوفى كليهما بهذه الكيفية.
نعم، إذا لم يمكن استيفاء غرض الوجوب إلا بارتكاب الحرام فهاهنا يقع التزاحم في مقام استيفائهما، ويكون العبد مخيرا في الإتيان بأيهما شاء، إلا أن يكون أحدهما أرجح من الآخر بمقدار لا يرضى المولى بفوت هذا المقدار، وفي مثله يقع البحث في مقام الإثبات، وأن طريق احراز هذا الرجحان ما هو؟ فما في ظاهر كلماتهم من إجراء الكلام في غير صورة الدوران أيضا واضح الفساد، وعليه فلا سبيل إلى عد شمولية الحرمة من المرجحات لها، اللهم! إلا أن يراد خصوص صور توقف امتثال الوجوب على ارتكاب المحرم، لكن في هذه الصورة بالحقيقة تقع المزاحمة بين أصل طبيعة الواجب وصرف الوجود لها وبين الحرام، ومعلوم