ومنها: ما عن المحقق النائيني (قدس سره) في موضوع البحث، وهو: أنه لما كانت التكاليف متوجهة إلى العناوين الذهنية بما أنها مرآة للخارج فإذا فرض الاتحاد في المرئي وذي الوجه فلا محالة يلزم محذور اجتماع الأمر والنهي في واحد متحد الجهة، لأن تعدد الوجه والمرآة لا أثر له بعدما لم يكن هو الملحوظ استقلالا والمتعلق للحكم بنفسه " انتهى ملخصا ".
وهو بظاهره ضعيف جدا إذ بعد البناء على عدم سراية الأحكام إلى الخارج، كما هو مفروض كلامه (قدس سره) فكيف يقال: بلزوم محذور الاتحاد مع تعدد العنوان، ولو كان مرآة، اللهم! إلا أن يوجه بأن العناوين حيث كانت مرائي، فالحاكم عليها في نظره التصوري لا يرى إلا الخارج، وهو غافل عن نفس العنوان، وحيث إن الخارج يتحد فيه الأمران فهو في نظره هذا يرى متعلق أمره ونهيه واحدا فلا يمكن له جعل حكمين ضدين عليه. هذا.
ومع ذلك كله فيرد عليه أن التكاليف سواء كانت من قبيل المطلقات أو العمومات فكل عنوان لا يحكي إلا عن فرده الذاتي، والحاكم عليه لا يرى به إلا أفراده الذاتية، فإذا يقول: لا تغصب فلا يرى إلا حيثية الغصب، وإذا يقول: صل لا يرى إلا حيثية الصلاة، وعليه ففي مقام الحكم لا يرى الحاكم وحدة المتعلقين، حتى يكون حكمه من المحال.
ثم إن المحقق صاحب المقالات (قدس سره) اختار في موضع البحث تفصيلا: حاصله أن متعلق الأمر والنهي لو كانا - بما أنهما عنوانان - مشتركين في حيثية خاصة، وافترق كل بخصوصية تخصه، لامتنع اجتماع الأمر والنهي، إذ سراية التكليف إلى خصوص عنوان الفرد الذي هو مجمع العنوانين توجب اجتماعهما على حيثية واحدة، وهو محال بالضرورة، وأما إذا لم يشتركا في حيثية أصلا، بل كانت بينهما المباينة التامة من حيث العنوانية وان كان المفروض اتحادهما وجودا فيصح حينئذ اجتماع التكليفين في المجمع، لعدم وحدة متعلقيهما لا بحسب وجودهما الذهني العنواني، ولا بحسب تحققهما الخارجي بما أنهما حيثيتان خارجيتان،