بالمحال.
والجواب الصحيح عنه: أنه إنما يلزم ذلك لو تعلق الوجوب بخصوصية الفرد المجمع، وأما إذا كان التكليف متعلقا بوجود الطبيعة من غير دخل حتى لهذية وجودها فلا، إذ امتثال مثل هذا التكليف إنما هو بايجاد الطبيعة وهو غير منحصر في فرد بخصوصه. هذا.
وقد يجاب عنه بناء على أن التكاليف متعلقة بالعناوين لا بمتن الخارج، بأن التكليف متعلق بنفس عنوان الطبيعة بلا قيد، ولا يسري منها إلى الأفراد أصلا، والقدرة على امتثال هذا التكليف المصححة لتعلق التكليف بها إنما هي بالقدرة على الإتيان بفرد ما منها، وهي حاصلة على الفرض.
وفيه: أن التكليف المتعلق بالطبيعة وإن لم يسر إلى الأفراد الخارجية، إلا أن كل فرد خارجي يتصور له عنوان شخصي منطبق عليه فقط، فالمجمع يتصور له عنوان شخصي جامع لكلا عنواني الحرام والواجب، واثنينية العنوانين وإن كفت في دفع محذور التضاد، إلا أنها لا تكفي لدفع محذور التكليف بالمحال، وذلك أن هذين العنوانين الشخصيين المجتمعين على المجمع يسري الأمر والنهي إليهما، إذ هما عين العنوان الكلي المتعلق به الأمر والنهي، فيلزم التكليف بالمحال، وحينئذ فلا محيص عن الاشكال إلا بما ذكرناه، من عدم تعلق التكليف بالهذيات، فبه يجاب عن الاشكال حتى على هذا المبنى.
ومنها: أنه يلزم في العبادات وقوع التقرب بالمبعد، وهو باطل بالضرورة.
والجواب عنه: أن التقرب هنا ليس مكانيا بل معنويا ومن آثار امتثال أمر المولى واطاعته، فالآتي بما أوجبه يتقرب إليه به، ويكون بعده عنه بمنزلة أن يأتي بحرام آخر منفصل عنه في الوجود في نفس الزمان الذي أطاع المولى بإتيان الواجب، بل قد عرفت عدم لزوم هذا المحذور بناء على الامتناع أيضا، فراجع الأمر السابع (1).