على الفعل، فيكون منهيا عنه بنهيه، فتدبر.
وهنا نكتة ثالثة: هي أنه يمكن تصوير المطلب بتعلق النهي الكراهي بعنوان ملازم للفعل، تعلق به النهي والبغض التنزيهي، ويكون صحة العبادة لرجحانها الذاتي كما أفاده (قدس سره) ومن ذلك يحصل مبدأ تصوير آخر على القول بالجواز، وهو تعلق النهي بعنوان منطبق على العبادة، كموافقة بني أمية في مثال صوم العاشوراء، بل قد عرفت صحة هذا التصوير على الامتناع أيضا، فتذكر.
وأما القسم الثاني فأضاف في الكفاية إلى ما مر حلا ثالثا، وهو أن يكون النهي عن العبادة بسبب حصول نقص في مصلحة العبادة، لتشخصها بخصوصية وقوعها في الحمام، وإن كان نفس الكون فيه راجحا، فيكون النهي ارشادا إلى مالا منقصة فيه، قال: ومثله الكلام في الأمر الاستحبابي بالصلاة في المسجد " انتهى ملخصا ".
وتوضيح مراده من هذا الوجه - وإن أوضحه هو (قدس سره) أيضا - أن نفس الطبيعة إذا كانت بلا ملائم ولا منافر ففيها مقدار من المصلحة، إلا أن جميع هذه المصلحة ليست بلازمة الاستيفاء، بل المقدار اللازم منها بعض خاص منها، فإذا تشخصت بمنافر يوجب هذا التشخص نقص مصلحة الطبيعة لا نقص المقدار اللازم منها، ومثله الكلام في طرف الزيادة لتشخصها بملائم، وهذا واضح ارادته من عبارته (قدس سره) فمن العجيب عدم انتقال صاحب نهاية الدراية (قدس سره) إليه حتى أورد عليه بما هو غير وارد فراجع.
نعم، يمكن أن يقال: حفظا لظهور النواهي في كونها ناشئة عن حزازة في متعلقها: إن منشأ هذا النهي أيضا ابتلاء العبادة حينئذ بحزازة، كما أن منشأ الأمر اتصافها بكمال زائد، فمثال العبادة مثال شجر سالم بلا عيب، وما فيه عيب لا يضر بأصل المقصود منه، وما فيه نضارة فوق العادة، بل لا يبعد أن يقال: كما أنه إذا قال المولى: لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه، لا يفهم منه إلا أن الصلاة فيه باطلة، لا أن الصلاة فيه مبغوضة ومحرمة تكليفا، فهكذا الكلام إذا قال: " لا تصل في الحمام "، أو " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " فإنه لا يفهم منه إلا نهي أو أمر وضعي،