التكليفين أمرا انتزاعيا، لو لم يكن كلاهما كذلك فليس لازم القول بها جواز الإجتماع.
نعم، لو قيل: بأنه على عدم أصالة الوجود فليس، هناك جهة وحدة بين المفاهيم والماهيات، إذ الوجود هو جامع المفاهيم والماهيات المختلفة والمفاهيم نفسها مثار التفرق والغيرية - كما في نهاية الدراية - لكان لما ذكر وجه، لكنه قد مر في الأمر السادس من الأمور المتقدمة الإشارة إلى عدم متانته اجمالا.
وخلاصة وجه فساده أن الصحيح في تصوير أصالة الماهية أن للماهية حقيقة وواقعية هي نفسها متحققة في الخارج، ومتشخصة في العين، ويكون نسبة المفهوم الكلي إليها نسبة مفهوم الوجود إلى حقيقته (1). وعليه فكما أنه على أصالة الوجود ينتزع من حقيقته مفهوم الوجود ومفاهيم أخرى كلها انتزاعية فهكذا على أصالة الماهية ينتزع من حقيقتها مفهوم كلي الماهية ومفهوم الوجود ومفاهيم أخرى انتزاعية، وبالجملة: فشأن الماهية على ذلك المبنى شأن الوجود على المبنى الآخر. هذا.
لكن الحق أن صاحب الفصول (قدس سره) لم يرد ما استظهره منه بل هو (قدس سره) أولا قرر برهان الامتناع على القول بتعلق التكاليف بايجاد المتعلقات. ثم قال: إن هذا الدليل يبتنى على أصلين: أحدهما: أن لا تمايز بين الجنس والفصل ولواحقهما العرضية في الخارج كما هو المعروف، وأما لو قلنا بالتمايز لم يتحد المتعلق فلا يتم الدليل. الثاني: أن للوجود حقائق خارجية ينتزع منها هذا المفهوم الاعتباري، كما هو مذهب أكثر الحكماء وبعض محققي المتكلمين، وأما إذا قلنا: بأنه مجرد هذا المفهوم الاعتباري ينتزعه العقل من الماهيات الخارجية، ولا حقيقة له في الخارج أصلا، كما هو مذهب جماعة، فلا يتم الدليل أيضا. ثم قال: ولنا أن نقرر الدليل بوجه لا يبتنى على هذا الأصل، وصرح في تقريره بأن الماهيتين متحدتان