المتصورة للوجود في قبال ضيقه الذي بمعنى فقدانه لبعض الفعليات، وكل منهما إضافي كما لا يخفى. فالوجود الوسيع إنما يتضيق بأخذ مرتبة من فعلياته الوجودية، فما لم تؤخذ فعلية من فعلياته لا معنى للحكم بحدوث ضيق فيه، وهذا بخلاف سعة المفهوم، فإن المفهوم إنما يحكى عما بإزائه من الفعلية المحدودة، فإن لم يقيد بقيد وجودا ولا عدما يقال: إنه وسيع، وإذا تقيد بقيد وجودي أو عدمي يعبر عنه بأنه مضيق، مع أنه في كلا الحالين لا يحاذيه إلا فعلية واحدة، ومعنى سعته: إنما هو إمكان وجوده في ضمن الفاقد والواجد من دون أن يكون وجود القيد أو عدمه داخلا فيه.
وحينئذ نقول: إن قياس الشئ بأمر وجد سابقا أو سيوجد لاحقا: إن أوجب تضيق مفهومه بكونه عقيب هذ الأمر، أو سابقا عليه فهذا ليس تضييقا في حقيقته، بل هو باق على ما كان من فعلية الحقيقة، فلا معنى لحصول تغير فيما كان له من الأثر، اللهم إلا أن يوجب هذه المقايسة وجود وصف فعلي فيه يعينه على تأثيره في أثر مخصوص لا يمكنه التأثير فيه بدونه، أو يمنعه عن تأثيره بحد يؤثر فيه لولاه، لكن إيجابها لهذا الوصف الوجودي مستلزم لتأثير المتقدم أو المتأخر، وهو من الاستحالة بمكان.
وإن أوجب هذا القياس تضيق حقيقته أو سعتها بحسب الكون والخارج فهو تأثير وجودي تكويني لا يعقل وجوده إلا بعلة وجودية يعتبر فيها معيتها مع أثرها.
فالحاصل: أن حد الوجود هي الماهية، وهي منتزعة عن مقدار فعلية الوجود وحدها، وما لم تتغير فعليته لم تنقلب ماهيته، وتغيير الفعلية لا يمكن إلا بعلة إلهية واقعية، والأمر المتقدم أو المتأخر ليس له هذا الشأن، كما لا يخفى.
وأما ما في تقريرات بحث بعض الأعلام (قدس سرهم): من أن شرائط المكلف به خارجه عن محل النزاع، إذ حقيقة الاشتراط ترجع إلى أن الإضافة الحاصلة بين المكلف به والأمر المتأخر أو المتقدم شرط في صحته، وحصولها مما لا محذور