موقعها، وإلا فهي غير محتاج إليها ولا لازمة، فحيث إن الاستفادة منها لزوما أو استحبابا إنما هي على فرض خاص يشترط وجوب تحصيل محصلها بهذا الفرض، تقدم أو تأخر أو تقارن، كما في مثال الأمر بتهيئة وسائل إكرام زيد، فإن الاحتياج إليها إنما هو إذا جاء زيد فلذلك يعلق وجوبها عليه، فليس في البين حديث من تأثير الأمر المتأخر أو المتقدم في حدوث المصلحة في متعلق الحكم، وإنما دخالته لترتب غاية على متعلقه، فلا محذور.
وأما في الوضع - كالملكية - فالمصلحة قائمة بانحفاظ النظام، وهو ينحفظ بجعل الملكية - مثلا - على طبق رضى الناس بعقودهم، ولو كان متأخرا عن زمان وقوع عقدهم، فلذلك يجعلها عقيب العقد بشرط رضا من له العقد، بمعنى: أنه ينشئ الملكية للمتعاملين المالكين من زمان العقد أو الإجازة والرضا إذا تحقق منهما الرضا أو الإجازة، فلا محذور أيضا.
فمحصل الأمر: أن نفس المتقدم أو المتأخر شرط، إلا أن الشرط هنا ليس بمعناه المراد منه في الفلسفة، بل كل ما كان له دخل ولو إعدادا فهو شرط، كما هو معناه عرفا وفي غير مصطلح العقول، والإشكال والأجوبة ناظرة إلى معناه المعقولي، ولذلك لا تحل بها العقدة، بل وهي خروج عن ظاهر الأدلة من كون المتأخر - مثلا - شرطا لا وصف التعقب به.
ومما ذكرنا تعرف أن ما في الكفاية والفوائد إنما يتصدى ويفيد لرفع الإشكال عن المقامين الأولين، دون الأخيرين، فلاحظ.
هذا كله في شرائط الأحكام.
وأما في شرائط المأمور به: فأساس الإشكال - كما عرفت - أنه كيف يؤثر المأمور به في المصلحة المترتبة عليه مع أنه غير واجد لشرط التأثير لتقدمه وانصرامه، أو لتأخره وعدم وجدانه؟ وحل الإعضال بعد تسليم أن الشرط بوجوده الخارجي شرط لتحقق المصلحة المرادة، وإلا لما قيده المولى الحكيم العالم بالواقعيات به: أنه لا محذور في أن يكون المأمور به بنفسه مؤثرا في أثر