وفيه: أن مقتضى هذا المعنى أنه لو علم بهذه النجاسة أثناء الصلاة لجرى في حقه بالنسبة إلى ما مضى من صلاته قاعدة الاستصحاب، مع أنه خلاف ظاهر قوله (عليه السلام) في ذيل الصحيحة: حيث قال زرارة: " إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة؟
قال (عليه السلام): تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته، وإن لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة، لأنك لا تدري لعله شئ أوقع عليك، فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك " (1).
وذلك أن الظاهر القريب من الصريح منه: أن مراده (عليه السلام) نقض اليقين بالطهارة بالشك فيها، وأن هذا المعنى من النقض ينطبق على نقض الصلاة وإعادتها في الفرض الثاني دون الأول، فلذا حكم بالاستصحاب فيه دونه، وحمل الفرض الأول على ما إذا علم إجمالا بالإصابة وشك في موضعه مما لا يحتمله العبارة، وحينئذ فيدل الذيل على عدم الإجزاء في الاستصحاب، ويناقض ما استفيد من الصدر، ويكون قرينة على أن أريد من سؤال الصدر احتمال كون النجاسة حادثة في الأثناء لا موجودة من أول الصلاة، وعليه فانقلبت الصحيحة دليلا لعدم إفادة الاستصحاب للإجزاء بعد كشف الخلاف.
ومن الأصول: قاعدة التجاوز والفراغ، وتقريب دلالتهما على الإجزاء: أن الأمر بالمضي المساوق لعدم الاعتناء الوارد في كثير من روايات القاعدة كقولهم:
" فشكك ليس بشئ " (2) الذي هو أيضا بمعناه مطلق شامل لما إذا انكشف خلاف الواقع، وأنه لم يأت بالمشكوك، فالحكم بالمضي معه عبارة أخرى عن الاجتزاء بالناقص، وعدم وجوب الإعادة ولا القضاء.
وفيه أولا: أن موضوع هذا الأمر لما كان هو الشك فإطلاقه مقصور على ما إذا بقي شكه ولم ينقلب إلى اليقين بالعدم، وأما معه فإطلاقات الأدلة الأولية