ويترتب عليه لزوم قضائه.
هذا كله فيما علم أن جعل الأمارات على نحو السببية أو الطريقية المحضة.
وأما إذا شك في أن جعلها على أي النحوين وانكشف تخلف الأمارة عن الواقع فمقتضى القواعد ما هو؟ وينبغي أن يعلم أن البحث عن الشك مبني على كون مقتضى السببية الإجزاء كما في التقريب الثاني، وإلا فلا أثر للشك في كيفية جعلها بعد أن مقتضى كلتيهما عدم الإجزاء، وحينئذ نقول: لا ريب أنه لو كان الواقع هو الطريقية فتكليفه في زمان جهله متعلق بمتن الواقع وإن لم يكن فعليا أو منجزا بملاحظة جهله، وأما لو كان الواقع هو السببية فملاك المأمور به الواقعي - بحسب الفرض - قائم في زمن الجهل بمؤدى الأمارة أيضا، كما أن الواقع أيضا مطلقا في زمان الجهل به أو انكشافه يقوم به الملاك، وعليه فليس للمولى التابع أمره للملاكات الواقعية أن يعلق أمره الواقعي في زمان الجهل بخصوص الواقع تعيينا، لفرض وجود ملاكه في مؤدى الأمارة أيضا، بل لابد وأن يكون مطلوبه الواقعي، في هذا الزمان أعم من الواقع ومؤداه فبحسب الواقع يكون المكلف مخيرا بين الإتيان بالواقع أو الإتيان بالمؤدى، بحيث لو أتى بالواقع غفلة ولا عن قصد وعمد كفى بعد انكشاف الخلاف، إذ أتى بوظيفته الواقعية، فالمولى يخير عبده في الإتيان بأيهما شاء، إلا أن العبد يتخيل أنه موظف بخصوص المؤدى، كما أنه يكلفه بالواقع - على الطريقية - وإن كان يرى نفسه غير مكلف إلا بالمؤدى، وعليه إذا انكشف الواقع، وقد أتى بالمؤدى قبل الانكشاف فإذا يلاحظ العبد حال جهله - وهو شاك في كيفية جعل الأمارات - يرى تكليفه الشرعي في تلك الحالة مرددا بين التعيين والتخيير، فيكون شكه هذا من موارد مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير، وعلى القول فيها بالبراءة عن الخصوصية يجوز له الاكتفاء بما أتى به من مؤدى الامارة.
ومنه تعرف النظر في ما أفاده في الكفاية (1) من استصحاب عدم الإتيان بما