تعليقه على النجس الواقعي يقتضي نجاسة ملاقيه والمغسول به، غاية الأمر أنها أيضا نجاسة واقعية كنجاسة نفس المشكوك.
فالمغسول به أو ملاقيه مثله طاهر في زمان الشك حتى يعلم أنه قذر، وهكذا الغسل والوضوء فإن ظواهر الأدلة أنهما أيضا تنظيف وتطهير، فحكمهما أيضا حكم المشكوك نفسه. نعم، إن قلنا بأنهما ليسا من هذا الوادي كان حكمهما حكم الشرطية، مقتضى القاعدة صحتهما واقعا، إلا أن يقوم الإجماع أو دليل آخر على الخلاف.
وهذا الذي استظهرناه من عبارة القاعدة لا يختص بها، بل يجري في أمثالها مما حكم فيه على المشكوك بحكم أحد الاحتمالين حتى ينكشف الواقع، مثل قوله (عليه السلام): " كل شئ هو لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه " (1)، فحليب الحيوان المشكوك الحلية والحرمة وثمنه يحكم بحرمته إذا قام الدليل على حرمته، وهكذا الأمر في مثل قوله (عليه السلام): " الناس كلهم أحرار إلا من أقر على نفسه بالعبودية " (2)، إلى غير ذلك.
وقد يجاب عنه (3): بأن اعتبار الطهارة والنجاسة واقعا من الاعتبارات التي ينافي وجودها الواقعي اعتبار خلافها في ظرف الجهل بها، فإن فعليتها بنفس وجودها الواقعي، فالتعبد بالطهارة ولو كان مطلقا تعبد بأحكامها غير المنافية لاعتبار نجاسة ذلك الشئ واقعا.
وفيه: أنه وإن سلمنا أن الطهارة من هذه الاعتبارات، إلا أنا لا ندعي جعل الطهارة لذلك الشئ المشكوك نفسه، بل هو - كما عرفت من ظاهر العبارة - على ما كان عليه من النجاسة، وإنما ندعي محكوميته في ظرف الشك بجميع أحكام الطاهر الواقعي التي منها طهارة المغسول به واقعا، ويكفي في صحة هذا الجعل