الواقعي أن يحكم عليه بأحكام النجاسة بعد رفع الحجاب، فهو نجس واقعا محكوم بأحكام الطاهر، والمغسول به طاهر ظاهرا وواقعا.
نعم، هذا كله على فرض كون الطهارة والنجاسة من الاعتباريات. وأما إذا قلنا بأنهما من الأمور التكوينية فلا معنى لانتفاء النجاسة واقعا بعد فرض وجود سببها، لكن وجودها الواقعي لا ينافي أن يحكم عليها بأحكام الطاهر ولو بعد كشف الخلاف في ملاقيه وما غسل هو به كما هو مقتضى إطلاق القاعدة، فصرف جعل النجاسة والطهارة من التكوينيات لا يوجب حل الإشكال، وكيف كان فسواء كانتا من الواقعيات أو تلك الاعتبارات فلا ينحل الإشكال إلا بما ذكرناه.
ومنها: أن إطلاق المغيى وإن اقتضى ما ذكر إلا أن إطلاق الغاية يقتضي أن يحكم عليه بعد كشف القذارة بجميع أحكام النجس من أول الأمر، فيتعارض الصدر والذيل ويسقط عن الحجية.
والجواب عنه: أن قوله: " حتى تعلم... إلى آخره " - بحسب ظاهر العبارة - بيان لغاية الحكم المدلول عليه بقوله: " كل شئ طاهر "، فمفاده أن هذا الحكم المطلق بإطلاقه ثابت وباق إلى هذا الزمان، ويرتفع من هذا الزمان، فلا حاجة إلى ما ذكره في نهاية الدراية من جعل قوله: " حتى تعلم " من قيود الموضوع، وكون ما بعده محكوما بحكم عقلي لا شرعي، بل الظاهر أنه بيان غاية الحكم ونهاية زمان ثبوته، فلو كان مفهوم الغاية حكما شرعيا أيضا لما خالف مفاد الصدر كما عرفت.
ومنها: أن الحكومة تحتاج في الرتبة السابقة إلى موضوع ثابت ينزل منزلة موضوع آخر، والموضوع هاهنا - وهو الطهارة الظاهرية - يجعل بنفس الحكومة ومتأخرا عنه على الفرض، فهذه الحكومة مستحيلة.
والجواب: أن الحكومة التنزيلية وإن احتاجت إلى ما ذكر، إلا أن موضوع التنزيل هنا ليس الطهارة الظاهرية، بل المشكوك الطهارة هو موضوع التنزيل، وهو أمر ثابت نزل منزلة الطاهر الواقعي، وهذا التنزيل أفاد محكومية المشكوك بأحكام الطاهر الواقعي، وهو المعبر عنه بالطهارة الظاهرية.