التخيير والتعيين، والحق فيه هو الاشتغال (1). هذا.
أقول: لا يخفى أن مقالته فيما إذا لم يحتمل الإجزاء بمناط الوفاء مبنية على حكم العقل بلزوم الاحتياط فيما إذا احتمل طرو العجز عن تحصيل مطلوب المولى بسبب عمل أتى به مما أمر به المولى، كما يحكم به فيما إذا احتمل العجز لا بهذه الجهة وابتداء أيضا، كما هو كذلك.
ولكن يرد عليه أولا: أن حكم العقل بوجوب الاحتياط عند الشك في القدرة موقوف على إحراز تعلق حب المولى بما يحتمل العجز عنه، بنحو يلزم اتباعه تعيينا، وفيما نحن فيه وإن كان الإجزاء - لو كان - بمناط التفويت لكن لما كان المفروض أمر الشارع نفسه بالعمل الاضطراري، ولا يصح منه الأمر به - لو كان مفوتا - إلا إذا اشتمل نفس تسويغ البدار على مصلحة مساوية عنده لما يفوت عنه بواسطة العمل الاضطراري أحرزها بنفس التسويغ، أو كان في المنع عنه مفسدة يساوي عنده الاحتراز عنها مع إحراز الفائتة وقد احترز عنها بالتسويغ فلا محالة لا يكون حبه لمصلحة العمل الاختياري - على فرض الإجزاء - بمثابة يلزم العقل بلزوم اتباعه على التعيين حتى يجب الاحتياط فيه لدى الشك في القدرة، فإذا شك فلا بد من إحراز هذه المرتبة من الحب، أو قيام الحجة على تنجزه على فرض وجوده أولا حتى يحكم العقل بالاحتياط.
وبالجملة: فغرض المولى الفعلي وحبه أيضا نظير تكليفه إنما يلزم العقل باتباعه فيما أحرز وقامت الحجة عليه، وبعد ما كان الأمر بالمفوت على ما ذكرنا فأمر حبه بالمرتبة اللازمة الاتباع أيضا دائر بين التعيين والتخيير، فلا بد من الرجوع إلى قواعده كما في التكاليف. ولا دليل على أن المصلحة الموجودة في التسويغ والمفوت عين مصلحة العمل الاختياري حتى يجري فيه البيان الآتي.
وثانيا: أن العقل كما يحكم بالاحتياط عند الشك في القدرة كذلك يحكم بالاحتياط عند الشك في تحصيل المقدور، كيف؟ وهو القاعدة المعروفة من أن