الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني، وعليه ففي فرض احتمال الإجزاء بمناط الوفاء أيضا يكون نفس العلم بتعلق غرض المولى بمصلحة العمل الاختياري كافيا في حكم العقل بالاحتياط، ولا تصل النوبة إلى جريان حكمه في التكليف المتأخر عنها، إذ المكلف بعد الإتيان بالعمل الاضطراري شاك في تحصيل ما علم تعلق غرض المولى به من المصلحة، فإن علم بأن الإجزاء لو كان فهو بمناط الوفاء وجب الاحتياط تحصيلا للقطع بالفراغ، فإن احتمل أن يكون بمناط التفويت أيضا يجب الاحتياط أيضا. إما لذلك. وإما لوجوبه عند الشك في القدرة.
لكنك عرفت منا في ضمن كلماتنا أن الاضطراري غير واجد لتمام مصلحة الاختياري، فلا يكون الإجزاء بمناط الوفاء، واحتمال كون الإجزاء بمناط التفويت يوجب عدم العلم بتعلق حب المولى بمصلحة العمل الاختياري بنحو يلزم اتباعه تعيينا، فضلا عن العلم بأن الإجزاء ليس بمناط الوفاء، وعليه فاللازم هو الرجوع إلى الأصول الجارية في نفس الوجوب وقد عرفت مقتضاها.
وثالثا: أنه قد صرح في كلماته الماضية: بأن الإجزاء بمناط الوفاء يستلزم تعلق التكليف بالجامع بين الاختياري والاضطراري، فقد ارجع التخيير الشرعي إلى العقلي، ومعه فاللازم هو القول بالبراءة لانحلال العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي بوجوب الجامع وشبهة بدوية في الخصوصية الاختيارية، فتجري البراءة عنها، ولعله للتوجه إلى هذه النكتة والى سابقتها قرر وجه الاحتياط في التعيين والتخيير هنا في تقريراته من طريق المصلحة فراجع.
ورابعا: أن الشك دائر بين تخييرين كما عرفت، لا بين التخيير والتعيين، فتذكر. هذا كلامه في الشك في وجوب الإعادة.
وأما في الشك في وجوب القضاء فقال (قدس سره) في مقالاته: أمكن المصير فيه إلى البراءة حتى في الإجزاء بمناط التفويت، لإمكان اختصاص الغرض الفائت بخصوص الوقت، وأن بعد الوقت منوطا بفوت المصلحة السابقة يحدث تكليف