قطع زمانه فقط، فهو في هذا الزمان أيضا يكون مكلفا بإتيان الطبيعة، فإتيانها حينئذ أيضا إتيان للمأمور به كما في حال توجهه واختياره.
نعم، إذا احتملنا سقوط الأمر وحصول الغرض بالحاصل اضطرارا وغير منتسب أيضا فحيث إن ظاهر الكلام أن الطبيعة المنتسبة هي المأمور بها، فمقتضى القاعدة - كما مر في الأمر السابق - عدم الاكتفاء بغيرها.
وفي تقرير بعض المحققين - بعد تسليم سراية تقييد الهيأة إلى المادة - أنه يمكن كشف كون المادة مطلقة ذات مصلحة مطلقا من إطلاقها، فإنه إذا كان للكلام ظهورات متعددة فسقوط بعضها - وهو إطلاق الهيأة فيما نحن فيه - عن الحجية لا يوجب سقوط غيرها، يعني إطلاق المادة عن الحجية أيضا.
ثم قال ما حاصله: إن قلت: إنه بعد تقييد الهيأة بالقدرة ولو بحكم العقل يكون مفادها لزوم الإتيان بالمادة في حال الاختيار - سواء أتى بها بلا اختيار أم لا - فيقع التهافت بين إطلاقي كلام واحد.
قلنا: إن حكم العقل هذا يكون تقييدا بالمنفصل، والتقييد بالمنفصل لا يوجب إلا سقوط ظهور المطلق في الإطلاق عن الحجية، ولا يوجب انعقاد إطلاق للمقيد بالإضافة إلى الإتيان بأفراد تكون فردا للمطلق لا للمقيد، حتى يكون مقتضى إطلاقه هنا لزوم الإتيان بالفرد الاختياري ولو بعد الاضطراري انتهى (1).
وفيه أولا: أن كشف قيام المصلحة بشئ في موارد التكاليف إنما يكون من قبل تعلق إرادة المولى الجدية بإتيانه بملاحظة أنه لا يطلب ولا يريد جدا إلا ما فيه مصلحة، فبعد انكشاف أنه لم يكن له إرادة بالنسبة إلى فرد أو أفراد، وكان ما تخيلناه إرادة صورة إرادة لا واقعها فمن أين يستكشف قيام المصلحة بها؟
وبعبارة أخرى: إن التفكيك بين الظهورات في الحجية إنما يصح فيما لم يكن بعضها متفرعا على تعلق الجد بالبعض الآخر، وإلا ففيه لا ينبغي الريب في سقوط المتفرع عن الحجية بسقوط المتفرع عليه، وانكشاف عدم تعلق الإرادة به.