آخر، وهذه الخاصة ليست مجرى الإطلاق، إلا أنه لما كان من لوازمه أنه متحقق وثابت - سواء أوجب هناك شئ آخر أم لا - فإثبات لازمه من طريق الإطلاق طريق إلى إثباته، ولا بأس بالأخذ بلوازم الطرق المعتبرة التي منها ظواهر الكلام.
والتحقيق أن الأخذ بهذا الإطلاق وإثبات الوجوب النفسي وإن كان لا بأس به، إلا أن إثبات الوجوب التعييني والعيني من هذا الطريق مشكل، وذلك أنه لا ريب في أنه ليس لدليل التكليف إطلاق شامل لمرحلة الامتثال، فلا يمكن أن يقال: إنه واجب سواء امتثله أم لا، بل الإطلاق مختص لا محالة بمرحلة ثبوت التكليف الذي له تقدم ما على مرتبة الامتثال.
ومن ناحية أخرى: إن سقوط التكليف التخييري بإتيان بعض الأطراف، والكفائي بإتيان بعض المكلفين من قبيل السقوط بالامتثال فلا محالة إذا احتملنا كون تكليف تخييريا أو كفائيا رجع إلى احتمال عدم انعقاد الإطلاق للدليل الدال عليه، فلا يمكن أن يحرز له إطلاق لكي يستدل به على ثبوته، حتى فيما أتى بشئ آخر أو أتى به آخر، فيثبت الوجوب التعييني والعيني. هذا.
وقال (قدس سره) في آخر مبحث المطلق والمقيد في تبصرة لا تخلو من تذكرة: إن قضية مقدمات الحكمة في المطلقات تختلف حسب اختلاف المقامات، فإنها تارة تكون حملها على العموم البدلي، وأخرى على العموم الاستيعابي، وثالثة على نوع خاص مما ينطبق عليه....، فالحكمة في إطلاق صيغة الأمر تقتضي أن يكون المراد خصوص الوجوب التعييني العيني النفسي، فإن إرادة غيره تحتاج إلى مزيد بيان، ولا معنى لإرادة الشياع فيه، فلا محيص عن الحمل عليه فيما إذا كان بصدد البيان. انتهى (1).
وهذا الوجه - كما ترى - غير الاستدلال لإثبات الأقسام من طريق إطلاق الأحوال، بل حاصله: أن خصوص بعض الأقسام يحتاج بيانه إلى قرينة زائدة على إلقاء نفس المطلق، بخلاف بعضها الآخر، فيثبت ما لا يحتاج إلى قرينة زائدة