واستنصر الشيخ الأعظم كلا من العلمين من ناحية ورده من ناحية أخرى، فقال في أول مبحث حجية خبر الواحد: (فمرجع هذه المسألة إلى أن السنة - أعني قول الحجة أو فعله أو تقريره - هل تثبت بخبر الواحد، أم لا تثبت إلا بما يفيد القطع من التواتر والقرينة؟ ومن هنا يتضح دخولها في مسائل أصول الفقه الباحثة عن أحوال الأدلة، ولا حاجة إلى تجشم دعوى أن البحث عن دليلية الدليل بحث عن أحوال الدليل) (1) فقد جعلها من مسائل العلم مع التزام أن موضوعه الأدلة بعد فرض كونها أدلة.
وكلامه - كما ترى - صريح في أن مراده (قدس سره) بالسنة نفس قول المعصوم (عليه السلام) أو فعله أو تقريره، كما هو المصطلح فيها الذي لا ينافيه ذكر الروايات الواردة لإثبات حكم شرعي تحت عنوان الاستدلال بالسنة، وذلك أن عدها سنة وإطلاق السنة عليها إنما هو لمكان أنها طريق محض إلى السنة الواقعية، والاستدلال بالحقيقة يكون بنفس قول المعصوم (عليه السلام) مثلا، لا بالحاكي عنه.
فأورد عليه في الكفاية: بأن البحث عن ثبوت السنة بخبر الواحد بحث عن ثبوت الموضوع ووجوده، وهو من المبادئ التصديقية، وكون الثبوت المذكور تعبديا غير مفيد، لأن التعبد بالثبوت بمعنى وجوب العمل على طبقه وصف للخبر الحاكي، لا للسنة المحكية، فالثبوت الواقعي ليس من عوارض الموضوع، والتعبدي ليس من عوارض السنة، بل الخبر الحاكي (2).
أقول: لا ريب أن مراد الشيخ (قدس سره) هو الثبوت التعبدي، إلا أن التعبد بالثبوت في باب الطرق، سواء أكان بمعنى كونه طريقا إلى الواقع عقلائيا - كما هو التحقيق - أم بمعنى كونه موجبا لتنجز الواقع - كما هو مختار الكفاية في أكثر من موضع منها - أم بمعنى وجوب العمل على طبق الطريق ولو وجوبا طريقيا - كما لعله ظاهر كلمات الشيخ الأعظم (قدس سره) - كما أن له نسبة إلى الطريق فهكذا له نسبة إلى ما قام