ثم في كلامه قدس سره الشريف بعد ذلك نقاش وبحوث موكول إلى محله، والله الهادي.
2 - تمايز العلوم بماذا؟
تارة يراد من التمايز ما به الافتراق بين علمين مثلا، ويستفاد منه في مقام تعليم المتعلم، وأخرى يراد منه الأمر الموجب لتكثير العلوم وتعدده وجعل هذه العدة من المسائل علما واحدا، وتلك العدة علما آخر.
فإذا أريد المعنى الأول فلا ريب في أنه يصح تبيين الافتراق وتعليم خاصة كل من العلمين بكل ما بينهما من الفروق والخصوصيات، إذ المفروض أن الغاية مجرد تميز ما بينهما، وهو حاصل بكل منها. ومن البديهي أنه لا يفترق في هذا الواحد الاعتباري وغيره، فإن كل موجود واحد - اعتبارية كانت وحدته أم حقيقية - يصح تميزه عن غيره في مقام التعليم بكل خصوصية تخصه، سواء كانت ذاتية أم خارجة عن ذاته، ومن أي الأعراض كان.
وأما إذا أريد ثاني المعنيين - وهو مراد الكفاية بقرينة قوله في ذيل الاستدلال على بطلان التمايز بالموضوع (... فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجبا للتعدد...) (1) - فالحق ما في الكفاية من أن التمايز حينئذ بالأغراض، إلا أنه لابد وأن يعلم أن كل غرض أيضا لا يوجب تدوين علم خاص لأجله، بل يشترط فيه أن يكون بمقدار من السعة يصح معها عند العقلاء تدوين علم لأجله.
وأما ما عن سيدنا الأستاذ الإمام الراحل (قدس سره) من: أن منشأ وحدة العلم تسانخ القضايا المتشتتة، فإن تناسب مرفوعية الفاعل ومنصوبية المفعول أمر وجداني لا يوجد بين كل منها مع المسائل الفلسفية أو الرياضية، وأن الأغراض لما كانت متأخرة عن نفس المسائل فالمسائل قد تميزت في رتبة متقدمة ولا يمكن التمايز