محلا تباع فيه فعدل إلى آخر فباعها فيه، فإن صحة المعاملة حينئذ مع الضمان مما لا يجتمعان، فإن المخالفة لو أثرت في الضمان من حيث عدم الإذن لأثرت في فساد المعاملة أيضا، لاتحاد الحيثية.
والإذن المفهوم من العادة لو صححت المعاملة من حيث الإذن لأثرت في نفي الضمان البتة، لاتحاد الحيثية، كذا قيل.
ويمكن الذب عنه بأن الإذن المفهوم غايته الدلالة على صحة المعاملة خاصة دون نقل العين عن مواردها المعينة، ولا تلازم بينهما بالبديهة، فإن الإذن المفهوم ليس إلا من حيث الأولوية، ولا تحصل إلا حين جريان المعاملة لا قبله، إذ منشأ الأولوية ليس إلا زيادة الثمن عما عينه، وهي قبل المعاملة غير حاصلة. وحينئذ فتكون اليد عادية عليها ضمان ما أخذته (1)، بمقتضى الرواية.
وبما ذكرنا يظهر عدم الفرق في الحكمين بين كون محل المعين سوقا فعدل إلى سوق آخر، أو بلدة معينة عدل عنها إلى أخرى، فالحكم بالضمان في الثاني دون الأول - كما عن التذكرة - (2) حجته غير واضحة، لاشتراكهما في مقتضى الضمان وإن زاد سببه في الثاني دون الأول، لما فيه من تعريض المال للتلف بالسفر، الذي هو مظنة الآفة غالبا، وهذا الفرق لا يؤثر في نفي الضمان عن الأول، بل فائدته تأكيد وجه الضمان في الثاني.
ومما ذكرنا يظهر وجه الدفع عما أورد على التذكرة (3) من عدم الفرق بين المقامين اللذين فرق بينهما بالكلية. فإن طريق الفرق - كما عرفت - واضحة، فلا وجه للإيراد بما ذكره، بل الذي ينبغي إيراده عليه هو ما قدمنا إليه الإشارة.