ويضعف بأن هذا إنما يتم إذا فرض كون مورد الإجارة هو الفعل في الزمن الأول وما خرج عنه خارجا عن الإجارة، وأما إذا كان موردها كلا القسمين فلا، وظاهر الرواية وكلام الأصحاب هو الثاني، ولذا حكموا - حتى هو نفسه - بصحة الإجارة مع إثبات الأجرة على التقديرين، نظرا إلى حصول المقتضي وهو الإجارة المعينة، المشتملة على الأجرة المعينة وإن تعددت واختلفت بالترديد، لانحصارها وتعينها، وبطلانها على التقدير الآخر.
ولو فرض كون مورد الإجارة هو القسم الأول خاصة وهو النقل في الزمن المعين لكان الحكم بالبطلان على تقدير فرض أجرة مع نقله في غيره أولى، لأنه خلاف قضية الإجارة، كما ذكره، فإن مقتضاها أن لا يكون للمؤجر أجرة لو خالف ما استؤجر عليه، كما في محل الفرض، لأنه فيه ليس إلا النقل في الزمن المعين وقد خالفه بالنقل في غيره، فيكون اشتراط الأجرة للمخالفة فاسدا، لمنافاته لمقتضى العقد فيفسد بفساده، فكان أولى بثبوت أجرة المثل، والحال أنه وسائر الأصحاب حكموا بتلك الأجرة الناقصة، وليس ذلك إلا من حيث فرض المسألة في كون مورد الإجارة كلا القسمين لا الأول خاصة.
والذب عن هذا بجعل القسمين متعلق الإجارة على تقدير ذكر الأجرة والقسم الأول خاصة على تقدير عدمه في القسم الثاني، مع كونه خلاف الظاهر موجب لاختلاف الفرض.
ويمكن الفرق بين ذكر الأجرة في القسمين وإسقاطها في القسم الثاني، بكون تعيين الأجرة على التقديرين قرينة جعلهما مورد الإجارة حيث أتى بلازمها، وهو الأجرة فيهما، وإسقاطها في التقدير الآخر قرينة عدم جعله موردا من حيث نفي اللازم الدال على نفي الملزوم.