والحديث حول القياس كثر بين الفقهاء كثرة غير متعارفة، وكتبت عنه المجلدات، وكان موضع خلاف كثير، ونظرا لما يترتب عليه من ثمرات فقهية واسعة، اقتضانا أن نطيل الحديث فيه عارضين مختلف وجهات النظر وأدلتها على أساس من المقارنة وفق ما انتهينا إليه سابقا من نهج.
- وأول ما يواجهنا منها اختلافهم في تعريفه.
تعريف القياس لغة واصطلاحا:
القياس في اللغة (التقدير، ومنه قست الثوب بالذراع إذ قدرته به، قال الشاعر يصف جراحة أو شجة:
إذا قاسها الآسي النطاسي أدبرت * غثيتها أو زاد وهيا هزومها (1) وقد عرف في اصطلاحهم بالاجتهاد تارة، كا ورد ذلك عن الشافعي، وببذل الجهد لاستخراج الحق (2) أخرى.
ويرد على هذين التعريفين أنهما غير جامعين ولا مانعين، أما كونهما غير جامعين فلخروج القياس الجلي عنهما، إذ لا جهد ولا اجتهاد فيه في استخراج الحكم، وأما كونهما غير مانعين فلدخول النظر في بقية الأدلة كالكتاب، والسنة، وغيرهما من مصادر التشريع ضمن هذا التعريف مع أنها ليست من القياس المصطلح بشئ.
ولهذين التعريفين نظائر لا تستحق إطالة الكلام فيها لبعدها عن فنية التعريف، وهي أقرب إلى الشروح اللفظية منها إلى الحد المنطقي.
والذي يقرب من الفن ما ذكره القاضي أبو بكر الباقلاني من أنه