بل نفي الاحكام غير الالزامية على الاطلاق، بتقريب: (انه ما من فعل يوصف بكونه مباحا إلا ويتحقق بالتلبس به ترك حرام ما، وترك الحرام واجب، ولا يتم تركه دون التلبس بضد من أضداده، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب لما سبق (1)) وقد اعتبر الآمدي هذه المسألة في غاية الاشكال، وترجى أن يكون عند غيره حلها (2).
والجواب ان تمامية رأيه موقوفة على تمامية مقدمات:
أولاها: ان النهي عن الشئ يقتضي الامر بضده العام.
ثانيها: ان الضد العام موقوف وجوده على الاتيان بأحد الأضداد الخاصة فهو مقدمة له.
ثالثها: الالتزام بالوجوب المقدمي تبعا لوجوب ذي المقدمة.
والجواب عن هذه المقدمات متوقف على ادراك مناشئ التكاليف، فالذي عليه المسلمون ان الأوامر والنواهي وليدتا مصالح ومفاسد، في المتعلقات فالامر لا يكون إلا إذا كانت هناك مصلحة باعثة على الاتيان به، والنهي لا يكون إلا مع وجود مفسدة فيه باعثة على الردع عنه، وان المصلحة والمفسدة من قبيل الضدين الذين لهما ثالث وهو ما لا يكون فيه مصلحة ولا مفسدة، وعليه يتفرع الخطاب الشرعي الذي يفيد الإباحة، فإذا صح هذا، فالقول بأن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده أو ان النهي عن الشئ يقتضي الامر بضده أمر لا ملزم له لجواز أن يكون في النهي عن الشئ مفسدة وليس في تركه مصلحة ملزمة ليؤمر به، فالنهي اذن عن الشئ لا يستلزم الامر بضده، ولنفس السبب نقول: ان الامر بالشئ لا يستلزم الامر بمقدمته، وعلى هذا الأساس أنكرنا وجوب المقدمة إذ لا ضرورة للقول به، والقول بأن المتلازمين تلازم العلة والمعلول أو