3 - ما يكون وجوده بوجود منشأ انتزاعه وليس له وجود وراء ذلك وهذا على قسمين:
قسم يقع منشأ انتزاعه في عالم الواقع، ومثاله: الفوقية والتحتية والبنوة والأبوة، إذ لا وجود لهذه الأمور إلا بوجود الأب والابن، والفوق والتحت، والثاني يقع منشأ انتزاعه في عالم الاعتبار كالسببية والشرطية المنتزعة من بعض القيود التي أخذها الشارع في تكاليفه وأحكامه، وذلك مثل سببية الدلوك لصلاة الظهر، والعقد بالنسبة إلى تحقق الملكية به.
وعلى هذا فالفارق بين الأمور الاعتبارية والأمور الانتزاعية فارق جذري، لان الأمور الاعتبارية لها تأصل في الوجود في عالمها بخلاف الأمور الانتزاعية إذ لا وجود لها إلا بوجود منشأ انتزاعها، وهي مجعولة في الأمور الاعتبارية تبعا لها.
والخلاف بعد ذلك واقع في أن الأحكام الوضعية متأصلة في الجعل، أو أنها تابعة للأحكام التكليفية ومنتزعة منها.
والظاهر أن بعضها متأصل بالجعل كالملكية والزوجية، وليست هي منتزعة من الاحكام المترتبة عليها، كحلية التصرف وجواز التمتع بالزوجة - كما ذهب إلى ذلك بعض الاعلام - لوضوح انها متأخرة في الرتبة عنها تأخر الحكم عن موضوعه، ومن المستحيل انتزاع المتقدم من المتأخر للزوم الخلف أو الدور.
وبعضها منتزع منها كالسببية، والشرطية، والعلية (1)، والمانعية، بالنسبة إلى التكاليف المقيدة بوجود شئ فيها أو في متعلقاتها، فمن تعلقها بوجود الشئ ننتزع السببية أو العلية أو الشرطية على اختلاف في كيفية التعلق، ومن تقييدها بعدمه ننتزع المانعية له.