فابن برهان يعرفها بقوله هي: (ما لا تستند إلى أصل كلي أو جزئي (1)) وربما رجع إلى هذا التعريف ما ورد على لسان بعض الأصوليين المحدثين من (أنها الوصف المناسب الملائم لتشريع الحكم الذي يترتب على ربط الحكم به جلب نفع أو دفع ضرر، ولم يدل شاهد من الشرع على اعتباره أو إلغائه (2)).
بينما يذهب الأستاذ معروف الدواليبي إلى إدخالها ضمن ما شهد له أصل كلي من الشريعة يقول - وهو يتحدث عن الاستصلاح -: (الاستصلاح في حقيقته هو نوع من الحكم بالرأي المبني على المصلحة، وذلك في كل مسألة لم يرد في الشريعة نص عليها، ولم يكن لها في الشريعة أمثال تقاس بها، وإنما بنى الحكم فيها على ما في الشريعة من قواعد عامة برهنت على أن كل مسألة خرجت عن المصلحة ليست من الشريعة بشئ، وتلك القواعد هي مثل قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والاحسان)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار (3)).
وقد رادف بعضهم بينها وبين الاستصلاح (4)، كما رادف آخر بينها وبين الاستدلال (5).
وهو ما لم يتضح له وجه لبعده عما لهذه الألفاظ من مداليل لديهم، فالاستصلاح، كما هو صريح كلامهم، هو بناء الحكم على المصلحة المرسلة لا أنه عينها، كما أن الاستدلال إنما يكون بها لا انها عين الاستدلال.
وبما أن هذه التعاريف التي نقلنا نموذجين منها لا تحكي عن واقع