فالقول بأن ما كان من شؤون طبيعته البشرية لا يعبر عن حكم، لا يتضح له وجه.
كما أن ما يتصل بالقسم الثاني من شؤون خبرته وتجاربه هو الآخر معبر عن حكمه، وحكمه هنا جواز التعبير عنه - وإن أخطأ الواقع لو صح جواز خطئه في الموضوعات، ولنا التأسي به في الاخبار عن تجاربنا وخبراتنا في حدود ما نعلم منها، وحتى قوله - لو صح عنه -:
أنتم أعلم بشؤون دنياكم، فهو إمضاء لهم على جواز إعمال تجاربهم وخبراتهم الخاصة، فهو لا يخرج عن الدلالة على التشريع.
نعم ما كان من مختصات النبي صلى الله عليه وآله كالزواج بأكثر من أربع، أو ما كان من أفعاله الطبيعية غير الإرادية، فهو لا يعبر عن حكم عام.
والخلاصة ان تقييد السنة بما صدر عنه على وجه التشريع كما صنع غير واحد في غير موضعه، لان كل ما يصدر عنه من أفعاله الإرادية فهو تشريع عام عدا مختصاته الخاصة، اللهم إلا أن يريدوا به الايضاح لا الاحتراز وهو بعيد عن مساق كلامهم.
اقصاه ان بعض أفعاله تختلف عن البعض الآخر من حيث دلالتها على الحكم بعنوانه الأولي أو العنوان الثانوي، ودلالتها أحيانا على جواز العمل بالحكم الظاهري، وهكذا...
(2) كيفيات الاستفادة منها:
وما دمنا قد علمنا أن السنة هي القول والفعل والتقرير، فلا بد من التحدث عن مدى دلالة كل منها.