ما ذكره صاحب الحاشية من عده في جملة ما تثبت به السنة بمقتضى فحوى دليله، وحاصل ما استدل به: (إنا نعلم علما قطعيا بلزوم الرجوع إلى السنة بحديث الثقلين وغيره مما دل على ذلك، فيجب علينا العمل بما صدر عن المعصومين، فإن أحرز ذلك بالقطع فهو، وإلا فلا بد من الرجوع إلى الظن في تعيينه، ونتيجة ذلك وجوب الاخذ بما يظن بصدوره (1))، ومن الواضح ان الظن هنا لم يقيد بكونه حاصلا من الاخبار ليكون دليلا على حجية ما يفيد الظن منها كما أفيد، بل أطلق لما يشمل كل ظن بالسنة ومن أي سبب كان، لذلك آثرنا عده من أدلة مطلق الظن بالسنة.
والجواب على هذا أن دعوى القطع بالعمل بمطلق الظن بالسنة مع عدم إحرازها بالقطع - كما هو مقتضى مفاد دليله - لا تخلو من مصادرة، لان الظن بما هو ظن ليس من الحجج الذاتية التي لا تحتاج إلى جعل أو إمضاء، وهذا الدليل لا يثبت جعلا ولا إمضاء شرعيا له بل لا تعرض فيه لهذه الجهة أصلا.
ووجوب العمل بالسنة - وإن كان ضروريا - إلا أنه لا يتنجز على المكلف إلا بعد إحرازها بمحرز ذاتي أو مجعول، وهذا الترديد الذي ورد في الدليل لا يتم إلا إذا ثبت من الخارج أن الظن محرز للسنة في عرض القطع أو في طوله على الأقل، وإثبات محرزيته بهذا الدليل دوري كما هو واضح.
وحسبنا من الأدلة الرادعة عن العمل بالظن حجة في الردع عن مثله ما دام لم يثبت لنا بهذا الدليل ما يخصصها أو يحكم عليها لعدم تماميته وصلوحه لاثبات ما أريد له.