فعلى الأول لا مناص من القول بالامتناع مطلقا وعلى جميع المذاهب، ضرورة أن استحالة اجتماع الضدين لا تختص بمذهب دون آخر.
وعلى الثاني لابد من القول بالجواز بناء على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من الملزوم إلى اللازم.
الثانية: أن ما ذكره (قدس سره): من أن مسألة التعارض ترتكز على كون المجمع مشتملا على مناط أحد الحكمين في مورد الاجتماع (1) أيضا خاطئ، وذلك لأن البحث عن هذه المسألة كالبحث عن مسألة الاجتماع لا يختص بوجهة نظر مذهب دون آخر، ضرورة أن ملاك التعارض: هو عدم إمكان جعل الحكمين معا في مورد الاجتماع. ومن المعلوم أن هذا لا يتوقف على وجود ملاك لأحدهما فيه، لوضوح استحالة جعلهما معا لشئ واحد، سواء فيه القول بتبعية الأحكام لجهات المصالح والمفاسد والقول بعدمها، فإن خلاف الأشعري مع الإمامية إنما هو في العقل العملي، أعني به: التحسين والتقبيح العقليين، ولأجل ذلك أنكر مسألة التبعية لابتنائها على تلك المسألة، أعني: مسألة التحسين والتقبيح، لا في العقل النظري، أعني به: إدراكه إمكان الأشياء واستحالتها، والمفروض أن جعل الحكمين المتضادين لشئ واحد محال عقلا، وكذا الحال في مسألة التزاحم، فإنها لا تختص بوجهة نظر مذهب دون آخر، بل تعم جميع المذاهب والآراء حتى مذهب الأشعري: وذلك لما ذكرناه: من أن مبدأ انبثاق المزاحمة بين الحكمين مع عدم التنافي بينهما في مقام الجعل إنما: هو عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما في مرحلة الامتثال.
الثالثة: أن الدليل لا يكون متكفلا لفعلية الحكم أصلا، ضرورة أن فعليته تتبع فعلية موضوعه في الخارج، وأجنبية عنه بالكلية. فإن مفاده - كما ذكرناه غير مرة - ثبوت الحكم على نحو القضية الحقيقية، ولا نظر له إلى فعليته ووجوده في الخارج أصلا.