وقد ذكرنا في بحث مقدمة الواجب: أن حرمة المقدمة لا تنافي إيجاب ذيها إذا لم تكن منحصرة، وأما إذا كانت منحصرة فتقع المزاحمة بين حرمة المقدمة ووجوب ذيها، كما لو توقف إنقاذ الغريق - مثلا - على التصرف في مال الغير ولم يكن له طريق آخر يمكن، إنقاذه منه. فإذا لابد من الرجوع إلى قواعد باب التزاحم وأحكامه (1).
وعلى الجملة: فالهوي الذي هو مقدمة للركوع والسجود والنهوض الذي هو مقدمة للقيام إذا كانا من أفعال الصلاة وأجزائها يتعين القول بالامتناع في المسألة، وإذا كانا من المقدمات يتعين القول بالجواز فيها، ولذا لو فرض تمكن شخص من الركوع والسجود والقيام والجلوس بدونهما لكان مجزئا لا محالة، ولا يجب عليه الإتيان بهما، لفرض عدم دخلهما في المأمور به لا جزءا ولا شرطا.
وعلى هذا الضوء فلابد من أن يدرس ناحية كونهما من أجزاء الصلاة أو من مقدماتها، الصحيح: هو أنهما من المقدمات، وذلك لأن الظاهر من أدلة جزئية الركوع والسجود والقيام والجلوس: هو أن نفس هذه الهيئات جزء فحسب، لا مع مقدماتها من الهوي والنهوض، لفرض أن هذه العناوين اسم لتلك الهيئات خاصة، لا لها ولمقدماتها معا. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن المذكور في لسان الأدلة إنما هو نفس تلك العناوين على الفرض، لا هي مع مقدماتها.
فالنتيجة على ضوئهما: هي أن المستفاد من تلك الأدلة ليس إلا جزئية هذه العناوين فحسب، دون مقدماتها كما لا يخفى، وتمام الكلام في ذلك في محله (2).
وعلى هدي هذا البيان قد ظهر: أنه لا شبهة في صحة الصلاة في الدار المغصوبة إذا فرض أنها لم تكن مشتملة على الركوع والسجود ذاتا: كصلاة