لفرض أن المأمور به فيها - أي: في هذه الصور - متحد مع المنهي عنه خارجا، وكون شئ واحد - وهو السجود - مصداقا للمأمور به والمنهي عنه، وهو محال.
وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر فساد ما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره): من أنه لا يمكن أن تكون الحركة الواحدة مصداقا للصلاة والغصب معا (1)، وذلك لأن ما أفاده (قدس سره): يرتكز على نقطة واحدة، وهي: أن الغصب من مقولة برأسها، وهي:
مقولة الأين. وعلى هذا فيستحيل اتحاده مع الصلاة خارجا.
ولكن قد عرفت: أن هذه النقطة خاطئة جدا، ولا واقع موضوعي لها أصلا، ضرورة أن الغصب مفهوم انتزاعي منتزع من مقولات متعددة، وليس من المفاهيم المتأصلة والماهيات المقولية. وعليه، فلا مانع من اتحاده مع الصلاة في الخارج أبدا بأن يكون منشأ انتزاعه بعينه ما تصدق عليه الصلاة، بل قد مر: أنه متحد خارجا مع السجدة فيها، ومع الهوي والنهوض بناء على كونهما من أجزائها.
كما أن ما أفاده (قدس سره): من أن الصادر من المكلف في الدار المغصوبة حركتان:
إحداهما: مصداق للغصب، والاخرى: مصداق للصلاة من الغرائب، بداهة أن الصادر من المكلف في الدار ليس إلا حركة واحدة وهي مصداق للغصب، فلا يعقل أن تكون مصداقا للصلاة المأمور بها، على أنه لو كانت هناك حركة أخرى تكون مصداقا لها في نفسها فلا محالة تكون مصداقا للغصب أيضا، لوضوح أن كل حركة فيها تصرف فيها ومصداق له، فإذا كيف يمكن فرض وجود الحركتين فيها تكون إحداهما مصداقا للغصب فحسب، والاخرى مصداقا للصلاة كذلك؟
وخلاصة ما ذكرناه لحد الآن: هي أن القول بالامتناع في مسألتنا هذه - أعني:
الصلاة في الأرض المغصوبة - يتوقف على الالتزام بأحد أمرين:
الأول: أن نقول بكون الهوي والنهوض من أفعال الصلاة وأجزائها لا من المقدمات، وعلى هذا فلابد من القول بالامتناع.