والسرعة عارضة على الحركة العارضة على موضوعها، بداهة أن الشدة والسرعة موجودتان بنفس وجود البياض والحركة في الخارج، لا بوجود آخر لتكونا عارضتين على وجودهما فيه أولا وبالذات، وبتوسطه تعرضان على الجوهر.
وبكلمة أخرى: أنه (قدس سره) قد جعل الملاك في كون شئ متمما للمقولة دون نفسها هو ما يمتنع عروضه في الخارج على الجوهر بلا واسطة عرض من الأعراض، وقد مثل لذلك بالشدة والضعف والسرعة والبطء والابتداء والانتهاء.
وقد عرفت أن الابتداء والانتهاء من الأمور الانتزاعية التي لا واقع موضوعي لها في الخارج ما عدا منشأ انتزاعها، فإن الابتداء منتزع من صدور السير من البصرة مثلا، والانتهاء منتزع من انتهائه إلى الكوفة... وهكذا.
ومن المعلوم أن الأمر الانتزاعي لا يعقل أن يكون متمما للمقولة، بداهة أن متمم المقولة لابد أن يكون موجودا في الخارج، والأمر الانتزاعي لا يتعدى من أفق النفس إلى الخارج، وإلا فكل عرض موجود فيه - لا محالة - يكون منشأ لانتزاع أمر. وعليه، فيلزم أن يكون لكل عرض خارجا متمم، وهذا باطل.
وأما الشدة والضعف والسرعة والبطء فالمفروض أنها ليست بموجودة بوجود آخر غير وجود نفس البياض والحركة ليكون وجودها عارضا على وجودهما في الخارج أولا وبتوسطه على وجود الجوهر، لوضوح أن كل مرتبة من وجود البياض والحركة مباين لمرتبة أخرى منه، فلا يعقل أن تعرض مرتبة منه على مرتبة أخرى منه: كأن تعرض المرتبة الشديدة على المرتبة الضعيفة.
أو فقل: إن البياض الموجود فيه لا يخلو: من أن يكون شديدا أو ضعيفا أو متوسطا، ولا رابع في البين، وكذا الحركة الموجودة فيه، فلو كانت الشدة والضعف في الفرد الشديد والضعيف متممين لهما لكان التوسط في الفرد المتوسط أيضا كذلك، ضرورة عدم الفرق بينهما من هذه الناحية أبدا، مع أنهم لا يقولون بذلك فيه.
فالنتيجة: أنه لا يرجع متمم المقولة إلى معنى محصل أصلا، فإن الشدة