لهما واحدا، وفي بعضها الآخر يكون متعددا، فلا ضابط لذلك أصلا، فتعدد العنوان في هذه الموارد لا يقتضي تعدد المعنون، ولا يقتضي وحدته، فيمكن أن يكون واحدا، ويمكن أن يكون متعددا.
فما أفاده (قدس سره) من أن تعدد العنوان لا يستلزم تعدد المعنون ولا تنثلم به وحدته لا كلية لهذه الكبرى أبدا، كما تقدم بشكل واضح.
نعم، إن لتلك الكبرى كلية في العناوين الاشتقاقية خاصة، فإن تعدد تلك العناوين لا يستلزم تعدد المعنون أصلا، والسر فيه ما عرفت: من أن صدق كل منها على معروضه معلول لعلة قائمة بمعروضه وخارجة عن ذاته، مثلا: صدق العالم على شخص معلول لقيام العلم به.
ومن الواضح جدا أن العلم خارج عن ذات هذا الشخص ومباين له وجودا، فإن وجوده وجود جوهري، ووجود العلم وجود عرضي. ومن الضروري استحالة اتحاد الجوهر مع العرض خارجا. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن تعدد العرض لا يستلزم تعدد معروضه، بداهة أن قيام أعراض متعددة: كالعلم والشجاعة والسخاوة وما شاكل ذلك بذات واحدة ومعروض فارد من الواضحات الأولوية، فلا حاجة إلى إقامة برهان وزيادة بيان.
فالنتيجة على ضوئهما: هي أن تعدد العناوين الاشتقاقية والمفاهيم الانتزاعية واجتماعها في مورد لا يوجب تعدد المعنون فيه، بل لابد أن يكون المعنون واحدا وجودا وماهية في مورد اجتماعهما، وإلا فلا تعقل النسبة بالعموم من وجه بينهما كما هو واضح، ضرورة أن المعنون لو لم يكن واحدا فيه وكان متعددا وجودا وماهية لكانت النسبة بينهما التباين، بمعنى: أن كل عنوان منها مباين لعنوان آخر منها في الصدق، فلا يجتمعان في مورد واحد.
أما نظرية شيخنا الأستاذ (قدس سره) فقد ذكرنا: أنها إنما تتم في ناحية خاصة، وهي:
ما إذا كان العنوانان المتصادقان في مورد الاجتماع من العناوين المتأصلة والماهيات المقولية. وأما إذا كان أحدهما انتزاعيا والآخر مقوليا أو كان كلاهما انتزاعيا فلا تتم أصلا كما تقدم.