فالنتيجة على ضوئهما هي: أنه لابد أن يكون المطلوب في أمثال هذه الموارد هو تقيد العبادة أو المعاملة بصرف ترك هذه الأمور في الخارج، وهو يتحقق بتركها آنا ما.
فإذا المتعين في هذه الموارد وما شاكلها هو: إرادة الصورة الأولى من الصور المتقدمة لا غيرها، وهي ما كان المطلوب تقييد الواجب بصرف ترك تلك الأمور خارجا.
وعلى الجملة: فقد مر أن مقتضى الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة في طرف الأمر هو العموم البدلي وصرف الوجود بمقتضى الفهم العرفي. ومن المعلوم أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون الأمر متعلقا بالفعل أو بالترك، فإذا مقتضى الإطلاق في أمثال تلك الموارد أيضا ذلك.
ولكن هذا الخيال خاطئ جدا وغير مطابق للواقع قطعا. والوجه في ذلك ما تقدم: من أن نتيجة مقدمات الحكمة ليست إلا ثبوت الإطلاق. وأما كونه شموليا أو بدليا فلا تدل مقدمات الحكمة على شئ من ذلك (1). فإذا إثبات كون الإطلاق في المقام على النحو الأول أو الثاني يحتاج إلى قرينة خارجية تدل عليه. هذا من جانب.
ومن جانب آخر: قد مر أن القرينة الخارجية قد دلت على أن الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة في موارد الأمر المتعلق بالفعل والوجود بدلي، وفي موارد النهي شمولي (2).
ومن جانب ثالث: أن الأمر إذا تعلق بترك طبيعة في الخارج فلا محالة لا يخلو بحسب مقام الثبوت والواقع من أن المولى: إما أن يريد ترك جميع أفرادها في الخارج من العرضية والطولية سواء كانت على نحو العموم المجموعي أو الاستغراقي، أو أن يريد ترك فرد ما منها، أو أن يريد ترك حصة خاصة منها دون أخرى، أو أن يريد صرف تركها، ولا خامس في البين.