ضرورة أن فردا واحدا منه غير قابل لأن يتعدد شربه، بل له شرب واحد. نعم، يتعدد باعتبار تعدد الحالات والأزمنة، لا في نفسه، والمكلف في اعتبار الشارع محروم عن جميع أفراد شربه في الخارج من العرضية والطولية.
وهذا بخلاف الأحكام الوجوبية، فإنها لا تنحل بانحلال أفراد متعلقها في الخارج أصلا، إلا فيما إذا قامت قرينة من الخارج على الانحلال.
فالنتيجة هي: أن الأوامر تنحل بانحلال موضوعاتها في الخارج فحسب، ولا تنحل بانحلال متعلقاتها فيه. وهذا بخلاف النواهي، فإنها تنحل بانحلال موضوعاتها ومتعلقاتها معا.
وفيما نحن فيه حيث إن مانعية لبس ما لا يؤكل والميتة والحرير والذهب والنجس وما شاكل ذلك في الصلاة جعلت لها على نحو القضية الحقيقية فمن الطبيعي هو أنها تنحل بانحلال أفراد هذه الطبائع في الخارج، فيكون لبس كل فرد منها مانعا مستقلا، ولا تكون ما نعيته مربوطة بمانعية الآخر... وهكذا، وهذا هو المتفاهم العرفي من كل قضية حقيقية من دون شبهة وخلاف.
وكذا لا شبهة في ظهور تلك النواهي في باب المعاملات بالمعنى الأعم في الانحلال، ضرورة أن مانعية الغرر - مثلا - تنحل بانحلال أفراد البيع في الخارج، وكذا الجهل بالعوضين أو بأحدهما وما شاكل ذلك بعين الملاك المتقدم.
وقد يتخيل في المقام: أن المفروض أن هذه النواهي ليست بنواهي حقيقية، بل هي نواه بحسب الصورة والشكل، وفي الحقيقة أوامر، غاية الأمر: أن المولى أبرز تلك الأوامر بصورة النهي.
وقد تقدم: أنه لا عبرة بالمبرز - بالكسر - أصلا، والعبرة إنما هي بالمبرز بالفتح. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: قد سبق أن نتيجة الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة في طرف الأوامر هي العموم البدلي وصرف الوجود، لا العموم الشمولي ومطلق الوجود (1).