وصرف الوجود لأجل خصوصية فيه، والمتفاهم العرفي من الإطلاق في موارد تعلقه بالترك هو الإطلاق الشمولي وعموم الترك كذلك، أي: من جهة خصوصية فيه، ولأجل ذلك تفترق موارد تعلق الأمر بالفعل عن موارد تعلقه بالترك.
ثم إنه لا فرق في الأوامر المتعلقة بالفعل: بين أن تكون أوامر استقلالية:
كالأمر بالصلاة والصوم وما شاكلهما، وأن تكون أوامر ضمنية، كالأوامر المتعلقة بأجزاء العبادات والمعاملات وشرائطهما مثل: الأمر بالركوع والسجود والتكبيرة واستقبال القبلة والقيام والطهارة وما شاكلها. فكما أن المتفاهم العرفي من الإطلاق في موارد الأوامر الاستقلالية هو الإطلاق البدلي وصرف الوجود فكذلك المتفاهم العرفي منه في موارد الأوامر الضمنية هو ذلك، ضرورة أن المتفاهم العرفي من إطلاق قوله (عليه السلام): " اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه " (1) هو كون المطلوب صرف وجود الغسل وتحققه في الخارج، واعتبار خصوصية أخرى يحتاج إلى دليل خاص: كاعتبار التعداد والمسح بالتراب ونحو ذلك، فإن كل هذا خارج عن الإطلاق، فلا يستفاد منه، فإن قام دليل من الخارج على اعتباره بالخصوص نأخذ به، وإلا فلا نقول به. وكذا الحال في مثل الأمر بالركوع والسجود ونحوهما، فإن المتفاهم منه عرفا هو: كون المطلوب صرف الوجود، لا مطلق الوجود، وهذا واضح، كما أنه لا فرق في الأوامر المتعلقة بالترك بين أن تكون استقلالية أو ضمنية من هذه الناحية أصلا.
وقد تحصل من ذلك أمور:
الأول: أن كون الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة في مورد بدليا وفي مورد آخر شموليا ليس ما تقتضيه نفس المقدمات، فإن ما تقتضيه المقدمات هو ثبوت الإطلاق في مقام الإثبات الكاشف عن الإطلاق في مقام الثبوت، وأما كونه بدليا