والضعف عن الأحكام الشرعية إنما هو نفس الاعتبار الشرعي بما هو اعتبار.
ومن المعلوم أنه غير قابل للاتصاف بهما أبدا كما مر.
وأما اتصاف الحكم بكونه أهم من آخر وأقوى منه فإنما هو باعتبار الملاك المقتضي له، بمعنى: أن ملاكه أقوى من ملاكه وأهم منه لا باعتبار نفسه، ضرورة أن الأحكام الشرعية بملاحظة أنفسها في رتبة واحدة. وعلى نسبة فاردة، فليس هذا الاعتبار بما هو اعتبار أقوى وأهم من اعتبار آخر... وهكذا، فإذا يكون اتصافها بالأقوائية والأهمية إنما هو بالعرض والمجاز، لا بالذات والحقيقة، والمتصف بهما بالذات والحقيقة إنما هو ملاكات تلك الأحكام كما لا يخفى.
وأما بحسب الكبرى فعلى تقدير تسليم الصغرى: - وهي قبول النجاسة لوصف الشدة تارة ولوصف الضعف تارة أخرى - فلأنه لا دليل على وجوب تقليل النجاسة عن البدن أو الثوب بحسب الكيف، وذلك لأن الأدلة ناظرة إلى مانعية الأفراد بحسب الكم، وأن كل فرد من أفراد النجس إذا كان في بدن الإنسان أو ثوبه مانع عن الصلاة، ولا تكون ناظرة إلى مانعيتها بحسب الكيف، وأن شدتها زيادة في المانع.
وبتعبير آخر: أن الأدلة تدل على الانحلال الكمي، وأن كل فرد من أفراد هذه الطبيعة مانع، ولا تدل على أن شدته مانع آخر زائدا على أصله ليجب رفعها عند الإمكان.
وعليه، فلا فرق بين الفرد الشديد والضعيف في المانعية بالنظر إلى الأدلة، ولا تكون شدته زيادة في المانع بعد ما كان موجودا في الخارج بوجود واحد.
وعليه فالعبرة في وحدة المانع وتعدده إنما هي بوحدة الوجود خارجا وتعدده، فإن كان في الخارج موجودا بوجود واحد فهو فرد واحد من المانع وإن كان وجوده شديدا، وإن كان موجودا بوجودين فهو فردان من المانع... وهكذا.
فالنتيجة هي: أنه لا دليل على وجوب التخفيف الحكمي والكيفي.
وعلى الصورة الثالثة - وهي: ما كان المطلوب مجموع تروك الطبيعة على نحو